نحو مقاربة واقعية للفعل النفسي الاجتماعي
هشام نقر فاعل جمعوي ومدرب في التنمية الذاتية.
إن الناظر إلى أحداث اليوم والظواهر النفسية الاجتماعية التي صارت تطفو فوق البنية الاجتماعية المغربية ليتطلب منا وقفة فعل وليس تأمل وقفة نكون قد تخلصنا فيها من عقدة التنظير والترف الفكري التأملي المجرد والذي ميز معظم الإنتاجات والمحاولات في المجالات النفسية الاجتماعية.
مع كل صباح نستيقظ على سلوكات مشينة تساهم في تاكل جدران القلعة القيمية لمجتمعنا هذه السلوكات التي لايمكن وضعها في خانة الإنسانية لكن لعلها تصبح مادة دسمة لنقاشات أكاديمية وفكرية مترفة بالتنظير والاطناب التأملي أو التعميم التجريبي مستعرضة لعضلات ميتافيزيقية واحصائيات كمية أو نتائج تجريبة لسياقات خارجية عن الحالات والموضوعات المعنية المختلفة من حالة لأخرى لتبقى بعدها هذه الأفكار والانتاجات حبيسة رفوف المكتبات والجامعات والملتقيات .
إن الفكر الإنساني تجاوز منذ عصور الثورة الفكرية النظرة الفوقية والاستعلائية للموضوعات، أي النظر إلى الموضوعات من نظرة تأملية وتجريدية خارجية غير نابعة من تحليل الموضوعات من الداخل وإيجاد حلول مرتبطة بالموضوع في سياقه النفسي الاجتماعي المرتبط به بعيدا عن تجارب موضوعات أخرى او انطباعات ذاتية.التفكير يجب أن يكون منطلقا من الموضوعات ،ومستغرقا في الموضوعات ومنتهيا عند الموضوعات.
لكن.نحن كتربويين كمثقفين كتربويين كمختصين اجتماعيين ونفسيين كيف نتعامل مع الموضوعات ،هل بمنطق براغماتي يفرضه المنهج العلمي الذي يطلب منا التواضع في مرحلة من مراحل البحث والدراسة أن ننزل إلى الموضوعات ونكسبها ودنا لنإخذ الأرقام والمعطيات الكمية ثم نستقل بعدها أول حافلة نلبس فيها كبرياءنا واستعلاءنا المعرفي لنحلل ونقارن ونستنتج ثم نعمم لننتج معارف لتقاسمها في الندوات والمواسم الفكرية ونترك الموضوعات محل الدراسة بعيدة وخارجة عن نتائج ووظيفية الدراسة لتستمر الموضوعات في تكريس ظواهرها المرضية ،ويستمر تاكل جدران حصننا القيمي .
فتبقى دراساتنا ناجحة بمعيار المنهج العلمي الذي ينتهي بالتعميم وإصدار القواعد والقوانين النفسية الاجتماعية.
أما آن الوقت للتفكير في نمط ثالث يزاوج بين الممارسة التلقائية العاطفية الميدانية وغير الواعية أحيانا اتجاه الموضوعات والظواهر ،والتي قد يبرز فيها دور الفاعل الجمعوي فيصير عمله يتجلى في إعطاء صدقات مادية أو وجدانية للموضوعات والذي قذ يسبب تمردا للموضوعات ورفضها لهذا العمل الخيري التطوعي، فتلقي بهذه الصدقات المادية وغير المادية في قارعة الطريق بمجرد مغادرة الفاعل الجمعوي.
وبين الممارسة النظرية الأكاديمية الاستعلائية التي تحس فيها الموضوعات أنها مجرد أداة للدراسة وفئران تجارب للمساهمة في إنتاج نظري رصين يضمن إشباعات براغماتية للباحث قصد الجواب على إشكالاته لا إشكالات الموضوعات التي للأسف لازالت تبحث من يساعدها على حلها داخليا لا خارجيا.
نمط ثالث يزاوج بين المعرفة النفسية الاجتماعية وبين العمل الجمعوي في السياقات النفسية الاجتماعية ،نمط سميته بالفعل النفسي الاجتماعي الواقعي ،نمط يعيد الاعتبار للفعل الواعي اتجاه الموضوعات المستنير بأفكار وأعمال أكاديمية مصاحبة للموضوعات وتجعل منها مدخلات ومخرجات وفاعلة ومتفاعلة مع ومنتجة ومتأثرة مباشرة بنتائج الفعل هذا الفعل الذي سيهدم منارة الاستعلاء الفكري وفي نفس الوقت يجعل اليد الممدودة يدا متضامنة لا متعاطفة، وبالتالي تزول الدونية للموضوعات لتنخرط بفعالية من أجل إعادة ترميم جدران القلعة.
1/2