سياسةفن وثقافة

فصول وقصاصات من كتاب: (أوراق من ذاكرة متمردة) كيف تعرفت على حميد شباط؟ القصة الكاملة

الكاتب ععبد النبي الشراط.

في المرحلة الاستئنافية:
بعد صدور الحكم الابتدائي الذي انتصر فيه القضاء المغربي لصحفي لا يملك علاقات ولا يتوفر على وساطات ولا خبرة له بالتدخلات كان ضروري أن يستانف دفاع حميد شباط الحكم وان يغير هذا الدفاع التكتيك والأسلوب..


فبعدما كان دفاع شباط يكتفي بإرسال محامية من مكتبه للترافع طيلة المرحلة الابتدائية، ظنا منه أن القضية بسيطة ولا تحتاج لحضوره، فقط هناك صحفي إسمه (عبد النبي الشراط) أما خصمه فهو السيد حميد شباط ذائع الصيت، بالتالي قلل من أهمية الموضوع..


لكن خلال المرحلة الاستئنافية تغير الوضع، وكان لزاما عليه أن يحضر بنفسه لحسم هذا الأمر الذي لم يستسغه أبدا.. كيف لصحفي كان يشتغل (مجرد يشتغل) أن يهزم شباط صاحب الألقاب المتعددة والذائع الصيت ؟ أمر لا يصدق..


في أول جلسة بمحكمة الاستئناف بفاس حضرت باكرا، كان هناك بضعة محامين، أحدهم فقط كان نشيطا ومزهوا ومعتزا بنفسه.. قلت في قرارة نفسي.. لابد أن يكون هذا هو محامي السيد شباط..


حضر القاضي، سارع إلى مكتبه.. بعد لحظات خرجت سيدة كانت هي كاتبة ضبط الجلسة، نادت:
الأستاذ عزيز سويطط .. أجبتها:
الاستاذ لم يصل بعد، وأنا عبد النبي الشراط المعني بهذه الجلسة..


دخلت دون أن تقل لي شيئا.. أغلقت الباب .. وبعد دقائق عادت وخرجت مرة أخرى.. تفضل سي الشراط.. كان المحامي كما توقعت هو الذي ينوب عن شباط..


الجلسة طبعا كانت بمكتب القاضي (نزاعات الشغل)
إلتفت القاضي للسيدة مدونة الجلسة وطلب منها تدوين الٱتي:
حضر دفاع المستأنف الأستاذ محمد تشيش كما حضر السيد عبد النبي الشراط (مستأنف عليه) فيما تغيب دفاعه الأستاذ عزيز سويطط.
رفعت يدي طالبا من القاضي تعليق.


القاضي: تفضل.
أنا: دفاعي لم يتخلف وإنما حالت ظروف طارئة دون حضوره ، وأنا جاهز للرد على أسئلة المحكمة الموقرة وأسئلة دفاع الطرف الٱخر ولا أرى هناك مشكلة.


كان القاضي خلال كلمتي القصيرة يحدق في وينصت بعناية.
افتتح السيد القاضي الجلسة متوجها بسؤال لدفاع شباط.. أنتم استانفتم الحكم؟
رد المحامي: نعم

القاضي: لماذا؟


المحامي: هناك مستجدات في القضية ولقد طلبنا من محكمتكم الموقرة استدعاء شاهدين اثنين كانا يشتغلان ضمن فريق جريدة (غربال القرويين).


تفحص القاضي ملف القضية وقال: الشاهدان لم يتوصلا بالاستدعاء.
كان تعليقي: أن الشاهدان لن يحضرا أبدا .. قاطعني دفاع شباط..
لماذا؟


أجبت: لأن الشاهدين لم يعودا من قاطني مدينة فاس.
الشاهد الأول أصبح أستاذا للتعليم بمنطقة تابعة لمدينة مراكش.

الشاهدة الثانية بدورها أصبحت أستاذة تعليم بنواحي منطقة بني ملال، بالتالي لو استمرت القضية هنا ثلاث سنوات أخرى على غرار ما جرى خلال المرحلة الابتدائية فإن لا أحد يمكنه تبليغهما..


وأضفت: ثم أن الشاهدين المزعومين كانا مراسلان متعاونان بالجريدة بالتالي ما علاقتهما بالموضوع تساءلت؟؟
بماذا سيفيدان المحكمة؟ وأنا أستغرب لهذا الأمر.


قاطعني المحامي قائلا: ما دمت تعرف عناوينهما فلماذا لا تتعاون مع العدالة وتمدها بعناوينهما.. اضططرت لمقاطعته..
شوف أستاذ.. المتهمون هم الذين يجب أن يتعاونوا مع العدالة لأجل تخفيف الحكم مثلا أو شيئا من هذا القبيل، وأنا لا يجبرني القانون أن أدلي بعناوين الناس للمحكمة وأنا غير مخول بذلك.. أنتم من طلبهما للشهادة وعليكم البحث عنهما..


تدخل القاضي:
سوف نؤجل الجلسة إلى تاريخ …. وطبعا هذا التاريخ كان مصادفا لحلول شهر رمضان المعظم
..


استاذنت السيد القاضي:
يصعب علي التنقل في شهر رمضان لأن هذا الشهر هو شهر عطلتي السنوية، حتى الشغل لا أشتغل في رمضان ولا أحب حضور المحاكمات في رمضان.. تفهم السيد القاضي الأمر وقال: نؤجل الجلسة إلى شهر أكتوبر هل عندك مانع للحضور؟ كان ردي: فقط يفوت رمضان وأنا أحضر بأي تاريخ ..


انتفض دفاع شباط محتجا على القاضي: هل المحكمة هي التي لها صلاحية التأجيل وتقرير تاريخ الجلسات أم أن هذا الرجل هو الذي يقرر..
رد عليه القاضي بهدوء:
يجب أن نقدر ظروف الناس الاجتماعية والدينية ولا بأس إذا تأجلت الجلسة لشهر أكتوبر..
لم يستسغ دفاع شباط الموضوع فانتابته حالة من الهستيريا وقال بصوت مرتفع جدا:


أنا أتنقل خلال شهر رمضان المعظم إلى مختلف المدن والمحاكم مردفا: أن رمضان شهر العمل والعبادة ولم أر خلال حياتي المهنية أن أحد أطراف الدعوى هو الذي يقرر تاريخ الجلسات وليس المحكمة..
طلب منه القاضي أن يهدأ فيما طلب من مدونة الجلسة أن تكتب تاريخ الجلسة القادمة.
بأدب واحترام استأذنت القاضي في أخذ الكلمة فسمح لي بذلك.

أردت أن أقول للأستاذ (تشيش) أنه عادي جدا أن يذهب هو لأي محكمة داخل المغرب أو خارجه لأنه يربح أموالا عن تحركاته، أما أنا فلمدة ثلاث سنوات وأنا اتنقل بين الرباط وفاس لأجل هذه القضية مع ما يكلفني ذلك من مصاريف و.. و.. الخ.


طمانني القاضي بأن القضية هنا لن تستمر ثلاث سنوات أخرى، لكن يجب أن أستند على ما يفيد بأن الشاهدان غير موجودان بمدينة فاس كما قلت..
تأجلت الجلسة لشهر أكتوبر، وخرج الأستاذ تشيش غاضبا جدا

يتبع ….

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock