في تونس ،شوق الحياة.
عثمان ناجي
ما يحصل في تونس، يحصل في تونس.الفصل ثمانون أو غيره في الدستور التونسي مفتوح للقراءة و للتأويل للتونسيين. هنا،في المغرب الأقصى، اصطف كثيرون و هتف كثيرون من أجل هذا او ذاك .سارع أصدقاء الإخوان إلى بيانات الإدانة ضد رئيس تونس، من باب انصر أخاك ظالما أو مظلوما.
يهمس أحدهم: الشأن مغاربي.
نعم، هو كذلك بدون شك.
يضيف صاحب الهمس مرة ثانية، عليك أن تنحاز، فتهتف لما قام به سعيد أو تندد و تجاهر بحبك لحركة النهضة، و لعرابيها في قطر و في تركيا.
في تونس، لا شيء على ما يرام. يعاني المواطن من الغلاء و من الفساد و من الفقر. ثم تنزل عليه نقمة كوفيد، فيموت في عنابر مستشفيات لا هواء و دواء فيها. هكذا الحال.
انشغل برلمان تونس و أغلبيته الملتحية بالبحث عن الحصانة، وعن التعويض المالي. و اكتفى الرئيس الفصيح بخطابات تصلح نصا مدرسيا لشرح المجاز و البيان و بديع الكلام، ليس إلا.
أما تونس فتحولت،أو كادت، إلى بلد فاشل.هكذا اجتمع البلاء و الغباء على بلد الياسمين و لم يترك لأهله سوى أن ينشدوا بحسرة شعرا ألهم محبي الحرية و عشاق الكرامة منذ نصف قرن أو أكثر قليلا.
إذا الشّعبُ يَوْمَاً أرَادَ الْحَيَـاةَ فــلا بــدّ أن يســتجيب القــدرْ
ولا بُـدَّ لِلَّيـْلِ أنْ يَنْجَلِــي وَلا بُدَّ للقَيْدِ أَنْ يَـنْكَسِـر
روح القضية إذن عتق من الذل و من الهوان،و جوهرها رغبة في الحياة.
بركة السياسة التونسية آسنة منذ مدة،تسقط فيها مخلفات الجيران و الأشقاء و الأصدقاء.من تركيا إلى ليبيا،مرورا بمصر، يتجاذب إخوان الدمار خيوط مؤامرة خفية لتدمير ما تبقى من حريات فردية و فرض قراءة قروسطوية للدين.
لا أحد يعرف ما ينتظر تونس و شعب تونس. احتضنت تونس الفلسطينين،و استقبلت الفنانين الكبار ، أمثال كلثوم و عبد الحليم حافظ و صباح و نجاة الصغيرة و فايزة أحمد.
غنى هؤلاء للحب و للجمال.
يأمل كل من يحب هذا البلد،أن يعود الصفاء إلى ماءه و البهاء لخضرته و لوجوهه المتوسطية المتسامحة و الجميلة.
البرلمان الذي لا يصلح سوى للكلام و للمزايدات،و لا يهم أصحابه سوى الحصانة و التعويضات،ترف و مضيعة للوقت حين يصبح المواطن فقيرا ،فاقدا لمصدر عيش و عرضة المرض و للتشرد.
رحم الله ابا القاسم الشابي.
وَمَنْ لَمْ يُعَانِقْهُ شَوْقُ الْحَيَـاةِ تَبَخَّـرَ في جَوِّهَـا وَانْدَثَـر
فَوَيْلٌ لِمَنْ لَمْ تَشُقْـهُ الْحَيَاةُ مِنْ صَفْعَـةِ العَـدَم المُنْتَصِر
كَذلِكَ قَالَـتْ لِـيَ الكَائِنَاتُ وَحَدّثَنـي رُوحُـهَا المُسْتَتِر
الشأن شأن التونسيين و الأمل أمل الجميع: أن ينقشع الظلام قليلا حتى يرى الحرية و التعددية، و كذلك الحياة الكريمة.