مقالات الرأي

إلى أي حد نجح المغرب في تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة؟

د. عادل بن الحبيب

أريد أن أبدأ بما قاله صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله : “كفى، واتقوا الله في وطنكم… إما أن تقوموا بمهامكم كاملة، وإما أن تنسحبوا”

كما قال جلالته ” إننا في مرحلة جديدة لا فرق فيها بين المسؤول والمواطن في حقوق وواجبات المواطنة، ولا مجال فيها للتهرب من المسؤولية أو الإفلات من العقاب.”

في جميع خطاباته السامية شدد جلالته على ضرورة التطبيق الصارم لمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، الذي ينص عليه الدستور، ودعى المسؤولين على كافة المستويات إلى تحمل مسؤولياتهم أو تقديم إستقالاتهم. لانه لا يمكن أن يكون هناك تقدم وتطور دون محاربة الفساد وربط المسؤولية بالمحاسبة.

صورة من الدار البيضاء، الأمطار في محطة الترامواي

و يعتبر مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة من مقومات النظام الدستوري الذي نص عليه الفصل الأول من الدستور كمقوم رابع بعد الحكامة الجيدة، والديمقراطية المواطنة والتشاركية، وفصل السلط وتوازنها وتعاونها، كما يجد أسسه في الخطب الملكية السامية التي ما فتئت تؤكد على ضرورة ربط المسؤولية بالمحاسبة.

إن تكريس مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة يحيل إلى دولة القانون (خضوع الدولة للقانون) التي يسمو فيها القانون وتكون فيها السلطات مقيدة بالقانون في ممارسة سلطاتها، وتكون فيها المساواة أمام القانون، ويتم فيها الفصل بين السلطات والإعتراف بالحقوق والحريات. والملاحظ أن تقدم المجتمعات وتطورها رهين بربط المسؤولية بالمحاسبة، يعني أن جميع الدول الديمقراطية التي راكمت تجربة في هذا المجال عرفت تقدما في شتى المجالات.

فقد جاء هذا المبدأ كقطيعة مع كل أشكال الرشوة، والفساد الإداري والواسطة، والمحسوبية، والسرقة، والإختلاس، وإستغلال النفوذ، وخيانة الأمانة، والإستغلال اللامشروط للممتلكات العمومية، والشطط في إستعمال السلطة، ومع سلوك الريع السياسي والإقتصادي .

كما جاء من أجل متابعة كل المفسدين وعدم إفلاتهم من المحاسبة والعقاب عند ثبوت تورطهم في تقصير أو إخلال في النهوض بمهامهم، فالمسؤولية دائما تقابلها المحاسبة بمعنى كلما كانت هناك مسؤولية كانت المحاسبة. هذه المحاسبة يجب أن تطبق على جميع المغاربة، الكل متساوي أمام القانون.

تساقطات مطرية تغرق مركب محمد الخامس

إن غياب المحاسبة والمساءلة له بطبيعة الحال تداعيات وخيمة على سمعة الدولة و صورتها على الصعيد الدولي، هذه التداعيات تتجلى في الفساد، وضعف الشعور بالمواطنة، وفقدان الثقة في المؤسسات. والإفلات من العقاب الذي يتيحه غياب المحاسبة، يشجع على التمادي في إستغلال النفوذ، ونهب المال العام وتأخير عجلة التنمية في البلاد.

وبالتالي فمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة يجب أن يطبق في شتى المجالات بدون إستثناء، وأي شخص تبث في حقه تقصير أو إخلال في النهوض بمهامه يجب محاسبته طبقا للقوانين الجاري بها العمل.

و يبقى السؤال مطروحا إلى أي حد نجح المغرب في تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock