مقالات الرأي

رأي في حدث  سورية إلى أين؟

كتب/ عبد النبي الشراط 

غداة استيلاء “هيئة تحرير الشام” على الحكم في الجمهورية العربية السورية شهر ديسمبر 2024، بقيادة “أبو محمد الجولاني” الذي كان قياديا سابقا في منظمة “داعش” الإرهابية، ثم انشق عنها وأسس هيأته الشامية، كتبت قصاصة قلت فيها ما معناه “أنني لن أدلي برأيي فيما حدث حتى تتبين الرؤيا جيدا” لأن سياقات الاستيلاء على الحكم في سورية ما كان لها أن تأتي بهذه السهولة واليسر لولا مباركة الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل وتركيا وأطراف أخرى، كانت دائما تشتهي الكعكة السورية.

ومنذ حينئذ وأنا أتابع التطورات الجارية هناك حيث بدأت اللوحة السورية تتشكل، وتوالت الأحداث حتى أصبح “الأمير أبو محمد الجولاني” يستقبل من طرف رؤساء دول مهمة كأميركا والسعودية وفرنسا، وحضور القمة العربية في القاهرة الخ..

كان ثمنه عشرة آلاف دولار، لمن يدلي بمعلومات عنه للإدارة الأميركية، وكان مصنفا كواحد من أخطر الإرهابيين في العالم، لكنه بقدرة الشيطان أصبح “السيد الرئيس أحمد الشرع” باع طاقيته وجزء كبير من ذقنه مقابل بدلات أنيقة وربطات عنق رفيعة، وأوهم نفسه ثم صدق وهمه بأنه حقا أصبح “رئيس سورية المفدى”.

هو كغيره من الإرهابيين الذين استولوا على الحكم في بلدانهم بدعم خارجي ومباركة إسرائيلية تحديدا، حتى أن “إسرائيل” في عهده الميمون استولت على نصف مساحة سورية تقريبا، ودمرت كافة الأسلحة المتطورة التي كانت على عهد الرئيس الشرعي بشار الأسد. التي لم تجرؤ “إسرائيل” أن تستولي على شبر من سورية في عهده، باستثناء منطقة الجولان التي لها سياقات أخرى في عهد والده الرئيس حافظ الأسد.

هذه “الجولان” التي اشتق منها اسمه الحركي، وكان ذلك يعني أنه حتما سيضع تحرير الجولان ضمن أولوياته، لكنه “حرر” فقط، دمشق وثلاث مدن أخرى وسمح لإسرائيل بالاستيلاء على مدن وقرى ومناطق متعددة أضافتها للجولان المحتل.

الحقيقة أنا أتساءل دائما… لماذا هذه المنظمات الإرهابية التي تتخذ من الدين أيديولوجية لها من أجل زرع الفتنة والطائفية في بلدانها، وتعلن الحرب على الأنظمة الوطنية الشرعية في تلك البلدان وتمارس الدمار والإرهاب ضد مواطنيها من أجل الاستيلاء على الحكم، بينما نراها في المقابل لا تنبس ببنت شفة ضد الصهيونية والصهاينة؟ 

فإذا كانت هذه الجماعات (إسلامية) فعلا، فلماذا لا تعلن الحرب ضد الصهاينة الذين يحتلون الأرض الإسلامية؟ 

الجواب بسيط، إنهم لا يمثلون الإسلام ولا يمثلون أي دين على الإطلاق… إنهم يمثلون فقط الإرهاب.

استولت جماعة الجولاني على الحكم في سورية بمباركة أعداء سورية، فماذا حصل؟ 

كغيرها من المنظمات الإرهابية التي سبق أن استولت على الحكم في بلدانها بمباركة أميركية صهيونية حيث بدأت قصة الانتقام…

في سورية التي نتحدث عنها الآن، بدأت عصابة الجولاني بالاعتداء على الأضرحة والمقابر، وكان قبر الرئيس الراحل حافظ الأسد في مقدمة القبور التي دمروها، وكذلك المراقد الشيعية المقدسة، وصولا إلى تدمير الكنائس المسيحية على رؤوس المؤمنين الذين كانوا بداخلها يعبدون الله.

وأمامنا الجريمة الأخيرة على كنيسة “مار لياس” الواقعة بمنطقة الدويلعة في دمشق، حيث قام إرهابي مجرم بتفجير الكنيسة خلال وجود المؤمنين بداخلها يؤدون صلواتهم… لم يكونوا يحملون سلاحا، ولا ثبت من قبل أو بعد أن المسيحيين قاموا بتفجير مسجد أو مؤسسة دينية إسلامية، فبأي ذنب يقتل هؤلاء المؤمنون الذين كانوا يعبدون ربهم في خشوع وسكينة؟ 

أما الاعتداءات على الطوائف المخالفة لعصابة الجولاني فحدث ولا حرج، خاصة الطائفة العلوية التي تدين بنفس دينهم لم تسلم من إجرامهم… فهل من أجل هذا كان هؤلاء الرعاع يحاربون أنظمتهم؟ 

إن تغيير الجولاني للطاقية بتسريحة الشعر وربطة العنق لم تغير من عقليته الإرهابية، بالتالي فإن سورية لن تعرف استقرارا ما دامت هذه العصابة تحكمها وتستولي على تدبير أمورها.

رحم الله شهداء كنيسة مار لياس وتعازينا لأسرهم وذويهم ولشعب سورية العظيم الذي كان دائما نموذجا للتعايش والسلم والحب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock