سي لفتيت…. أعرنا بالصخور السوداء القايدة حورية” ولو سنة…؟

خالد أخازي: روائي وإعلامي.
من يذكر روش نوار…
روش نوار الحي الأوروبي… والشوكولاتة والزعورية والبهاء والكورنيش…
روش نوار وموسيقى العجم أمام باحة الكنسية…
رقص الأوروبيين على الأركيدون والكمان والقيثارة وباقات الورود… والكلاب الجميلة ورائحة ملح البحر..
ومارشي روش نوار… كأنه قطعة من سوق بلدي بقلب باريس… بتجاره وباعته كأنهم من مارسيليا…
ووقعت الكارثة…
كلما هدمت الفيلات في مدينة ما تحت سعار المضاربات العقارية ذبل الورد وشاخ البهاء وظهر جيل جديد من السكن تموت فيه الرحمة والجوار….
حتى الجنازات غدت مأدبات…والدور غدت كالقبور…
كأن القلوب فينا تموت كلما زحف الإسمنت.
تحولنا من الكراء إلى هوس الملكية…
ففقدنا أنفسنا في هذا السباق المحموم… وفقدنا بسمة الجدات وحضن الأمهات… ربحنا شقة وخسرنا طفولتنا ونقاءنا ورائحة الأعياد…
يذكرني هذا بما وقع لمدينة المحمدية فضالة الزهور.. التي تحولت إلى قرية كبيرة…
رويدا رويدا يوما عن يوم تتم بدونة هذا الحي…
لا يهم من يسكنه الآن من الناس…
فهذا مغرب الجميع بغض النظر عن الأصل والفصل والعرق..
وها هو روش نوار… يخطو حثيثا نحو البدونة…
من يتحمل المسؤولية…؟
روش نوار السوق المركزي غدا بؤرة للمتشردين والهاربين من قهر الحياة ينامون على أرصفته ويتجرعون كل السموم… أمام عماراته وعلى كل رصيف سترة صفراء وعيون غاضبة…
في كل مكان عربة طائشة…. ورصيف منعنا من المرور منه منعا ناعما..
ولا قائد قرر يوما أن يقوم بواجبه بتحرير الملك العام وإعادة الرصيف إلى أصحابه…
فالظاهرة تجلب معها كل العفن والفوضى…
لمَ طبع القائد مع الوضع..؟
تمنيت أن أراه ولو مرة يقوم بما يقوم به قياد عين السبع والحي المحمدي…
أهو شعار” كم حاجة قضيناها بتركها…؟”
أهو أمر آخر…؟
لن أتحدث عن العربدة ليلة التي حولت ليله إلى ساحة للخوف…والقلق والتوجس…
ما يقلقني حقا هو هذا التطبيع لقائد الملحقة مع العربات العشوائية التي يمر أمامها يوميا ولا يحرك ساكنا…
مع مل الفوضى التي حوله وقربه…
والتي يمر قربها ليلا وهو عائد من البوطوار حيث يحلو له المقام بعد تعب ” الزمان”…
لا أعرف أي نوع هذا من رجال السلطة اختزل دوره في قضايا تافهة بعقلية عون سلطة لا رجل سلطة…
الغريب أنه حازم ودقيق حد العبث بما يقع داخل أسوار المؤسسات التعليمية…
ما إن تشذب شجرة حتى يحضر بلحمه وبدنه ويركن السيارة حيث شاء…. وطبعا بعدما يتخلص من تعب ” زمان” وتخمة” البوطوار في غبش الظلام…
أرفع القبعة لنساء الداخلية…. وطبعا لعدد كبير من القياد الذين يدبرون القطاع الترابي بعقلية المغرب الجديد…. مغرب محمد السادس… لا البصري….
بالصخور السوداء… كل الأرصفة محتلة…
لا تجد معبرا للضرورة..
العربات المجرورة تزداد يوما عن يوم…
السوق المركزي غدا سوقين…. سوق داخلي وسوق جانبي…
ولأن القائد الذي ترقى مؤخرا من رتبة خليفة… لم يتشبع بعد بثقافة وقيم القياد الجدد بل حتى رجال ونساء السلطة في العهد الجديد… فالرجل ما زال غارقا في ثقافة التحكم والسلطة الغارقة في الوهم لا البناءة كما حددها الملك…
متى يخرج من جلبابه القديم…حيث الآخر المختلف جبهة صراع…
متى يخرج من عرف الحواريين… وبهجة نفخ الصدر وقعقعة الخطاب…
والله… تمنيت أن يكون كما هو منتظر من رجل عصامي…
ولكنه خيب أملي أكثر من مرة..
فحين يعبر الشارع المحتل بالعربات والرصيف المقرصن والسكارى المشردون يقارعون الروج قرب المؤسسات التعليمية، لا لشيء سوى . .. لإظهار سطوته على حارس لا يرد سلامه استكبارا ويحقق في عملية تشذيب للأشجار والتخلص من نفايات السوق المركزي يرني ما فاض داخل المؤسسة التعليمية… وما فاض من “البركاسات” المسندة إلى السور… فلا بد أن يسقط في أيدينا عن مقاييس الترقية لدى وزارة الداخلية، والجهة التي زكته إقليميا ….
هل الترقية جزاء أم هدية…؟
لا يهما الأمر… فقد فرحنا لحورية…. وتعجبنا لهذا الرجل…الذي ينفخ صدره…. كشيخ في قبيلة من زمن مضى…
سلطة مواطنة… شريكة… لا سلطة قامعة متآمرة… تدبر المجال الترابي بالعبث والريع والصمت مقابل السحت…
حان الوقت…. لهذا القائد أن يحل بقيادة فيها امرأة قوية نزيهة كالقايدة حورية…. ليتعلم كيف يدبر القطاع بالمحبة والحزم معا… كيف ينأى بنفسه عن كل صراع ويلعب دور الحكم لا دور المرجع…
للأسف…. يستحق روش نوار قائدا أكبر بكثير من رجل لم يتخلص بعد من الثقافة البائدة وترك العشوائية تجاريا تتفاقم… وغاب… حتى تحولت الصخور السوداء إلى بررة للبيع العشوائي واحتلال الأرصفة…
ونحن نعرف… تلك الطريق منذ “زمان” مرورا ليلا بالمجازر القديمة…
فحتى نحن البسطاء لنا أعين تخاف على الوطن…
وقد تختف عليه ممن قلدوا مسؤولية تنميته فزاغوا….
سي لفتيت… عفاك… روش نوار تستحق قائدا على شاكلة القايدة حورية..
سلفها لينا غير عام… رجاء…