غفساي/ سد الرتبة وزيارة الوزير وأزمة السكان.

عبد النبي الشراط.
في بداية رحلتنا غير المنظمة، خلال الأسبوع الماضي التي جبنا خلالها قبائل ومداشر ودواوير، ومناطف، توقفنا بداية بدوار “تيتفراح” الذي يعتبر آخر مدشر بقبيلة بني زروال، بإقليم تاونات، ومنه مباشرة تدخل لقبيلة بني احمد التي تتبع إداريا لإقليم شفشاون.
“دوار تيتفراح” يضم حومات متعددة، وكل حومة لها مسجدها الخاص باستثناء حومة واحدة، (سنعود لتفصيل ذلك في وقت لاحق).
توقفنا بأحد هذه الدواوير التي تجتمع تحت مسمى مدشر “تيتفراح” لنسأل أين نحن؟ ونسجل بعض المعلومات.
سألنا أحد السكان الذي وجدناه هو الوحيد في طريقنا، وبعد دردشة قصيرة مع الرجل أخذنا الحديث إلى “سد الرتبة” وهو موضوع حديثنا الآن.
كان الرجل هو من بدأ الحديث عن السد، فسألناه إن كان هو شخصيا يتوفر على عقار، ضمن دائرة السد؟ رد الرجل بنعم، ثم أضاف: أنا أتوفر على أرض هناك وأشجار، وقد “سجلونا” لكننا ما زلنا لم نحصل على شيء، قاطعته لأطمئنه بأنه من الضروري أن يستفيد وأن المسألة مجرد وقت ليس إلا… لكن الرجل فاجأني بهذا الكلام:
أنا شخصيا لا يهمني الأمر سواء عوضونا أم لا… فما دام “سيدنا هو اللي طلب الأرض، حنا ميمكنش نقولوا للا، وكلشي ديال سيدنا”.
الرجل بطبيعة الحال في الستينيات من عمره أو تزيد قليلا، لكن كلامه بدا لي أنه إنسان مطمئن للملك فقط، وأمر التعويض لا يهمه على الإطلاق، ولا شك أن الكثيرون مثله هناك يشاطرونه الرأي، (الإخلاص لملك البلاد وطاعته كولي الأمر بدون شروط) وهذه قمة الوطنية بلا شك.
مناسبة هذا الحديث تأتي على خلفية الزيارة التي قام بها السيد وزير التجهيز والماء لسد الرتبة بهدف تفقد أشغاله، بالإضافة لانشغالات أخرى تضمنها جدول. زيارته للمنطقة.
أما مناسبة النزول، فهي تتجلى في أن بعض الدواوير المحسوبة على منطقة السد تضررت كثيرا من جراء بناء هذه المنشأة المائية الثانية بالمملكة. لقد كان من المفروض، قبل الشروع في بناء هذه المنشأة أن يفكر المسؤولون فيما سيترتب بسببها من أضرار لكافة السكان المحيطين بمنطقة السد.
ومن الدواوير التي تضررت كثيرا وباتت في عزلة شديدة نذكر دواوير:
شهريرة
تالمات
شريطية
هذه الدواوير الثلاث على الأقل أصبحت في عزلة تامة حيث سدت في وجه سكانها كل الطرق التي كانت تؤدي منها إلى الأسواق والإدارات المجاورة.
فإذا ما رغب المواطن مثلا الذهاب إلى دائرة غفساي أو إلى مقر الجماعة الترابية أو القيادة أو المستشفى، الخ… يتوجب على المواطن أن يقطع بضع كيلمترات راجلا، كي يحصل على على وسيلة نقل تقله إلى مبتغاه.
حتى التلاميذ أصبحوا في عزلة عن مدارسهم، وهو ما قد يساهم بلا شك في عزوف الكثيرين منهم عن الدراسة… إذ لا توجد طريق معبدة ولا غير معبدة، بمعنى أن منشأة سد الرتبة أعادت هؤلاء السكان إلى الزمن الماضي، ولأن بناء مشاريع مهما كانت أهميتها لا يجب أن تكون ضد الإنسان، بل يجب أن تكون بخدمته.
وهذا الأمر يعيد للأذهان مأساة سد الوحدة التي ما زالت آثارها السلبية ممتدة إلى الآن، والسبب هو سوء التخطيط وسوء التدبير من طرف المسؤولين، ولذلك توجه هؤلاء السكان المتضررون برسائل بعضها نشر على وسائط التواصل الاجتماعي، يطالبونه من خلالها بفك العزلة عنهم، وهذه “الصرخة” تعتبر تضامنا مع سكان دواوير شهريرة، تالمات والشريطية.
هذا دون أن نتحدث عن أزمة الماء التي بات سكان هذه الدواوير يعانون منها على غرار بقية المناطق الأخرى المجاورة لسد الوحدة ثم الآن سد الرتبة.
الصور: مشاهد من سد الرتبة الذي حرم السكان من الطرق والماء.