مقالات الرأي

أثر الفراشة…

عثمان ناجي /كاتب صحفي.

من العادات السيئة للكتب في نظري، أن يصاحبها اللغط والقيل والقال.

وحتى لاتسرعوا هربا من مقال أكاديمي ثقيل حول سجالات شهيرة بين عمالقة كبار ،أمثال دولوز وباديو، العقاد وطه حسين، دوق دو نفير وراسين،قشبال وزروال،بول سارتر والبير كامو،شرف وباطما،وغيرهم من عظماء عصرهم، مربط فرسي هو معرض الكتاب

ولغط معرض الكتاب مذ حل بالرباط.

أشياء كثيرة حدثت في الرباط حتى قبل معرض الكتاب.

المدينة كانت تغط في سبات عميق،لا يزعجه إلا ضجيج مقاتلي تذاكر مارشي نوار أمام سينمات عمرن طويلا،وكن الفرجة الوحيدة في العاصمة.

تذكرون مارشي نوار؟

لاوقت لدي لشرح تفاصيل القصة، ركزو على الأنوار ولاحاجة لكم بمارشي نوار.

فالرباط صارت عاصمة الأنوار.

إختفت السينيمات وشاخ بارونات مارشي نوار ،بعد أن ذابت المعالم القديمة وتحولت باليما إلى ورش مفتوح يصلح لأي شيء عدا تناول القهوة والمشروبات الغازية على الطيراس القديم المسيج بالنباتات ،وإنتظار مرور با المصباحي بائع كاوكاو، بربطة عنق في هيئة فراشة،كان آخر من تزين بها بعد المخرج نبيل لحلو.

كان المرحوم يقلد مشية شارلي شابلان أو تقاسيم وجه تشرشل وهو ينفث سيجارا لا ينتهي،ظل لسنين طويلة هو ووقفة الفول السوداني وأداءه المسرحي القصير يصنع الحدث في الشارع الأشهر بالعاصمة،وفي مدرجات ملاعب كرة القدم.

أما الكتب فكانت نادرة،وثمينة.

كيوسك الروبيو.

ثم كيوسكات كثيرة وسينما “رونيصونص” التي تحولت فجأة لمكتبة،وقراء في طريق الانقراض.

أيام زمان، المعروفة كذلك بسنوات الرصاص :كان الناس يشترون الكتب والجرائد ليقرؤوها.

لا ليضعوها في سطورياتهم اليومية.

جاء الطرام،وتزينت واجهات المدينة.

وهُرِّبَ المعرض من الدار البيضاء إلى الرباط، وجلب معه حراس السيارات إلى حي “اويلم”

انتشروا زنقة زنقة، بتعبير مرحوم آخر.

الكتاب يحتاج للنشر. 

والسيارات تحتاج لمواقف سيارات.

أما النشاط فقد تكفلت به صور الهواتف النقالة التي تصنع البوز في مواقع التواصل.

الشاعر الروائي فلان مع فلان الكاتب المسرحي.

وفلانة صاحبة رواية “من الذي قتل المعرض؟”يجاملها فلان وزير الطاكوس ودعم الكتاب،وتحضير الإنتخابات.

وهكذا.

واللغط؟

اللغط موجود والحمد لله.

تعاليق المثقفين على هامش المعرض :

من هؤلاء ؟

من أنتم؟

الرواية انتهت مع زفزاف.

المسرح مع الصديقي.

العيطة المرساوية مع الماريشال قبو.

حائط الموت مع علي بلحسين.

الكل يتأفف من الكل،وينتقص من الكل.

اليساريون يراقبون المحجبات وهن ينتظرن أمام شباك التذاكر، ويتحسرون على هجمة الشرق المتخلف.

الإسلاميون تخلفوا عن المعرض، وعن العصر، وأعادوا انتخاب “عبتيلاه “.

شعراء البلد منتشرون بين خيام المعرض،متنكرين تحت قبعات غريبة ،يحملون محافظ فارغة للتمويه،وينعلون اليوم الذي ابتلاهم الله بهذا الفن المتعب.

والناشرون منشورون ينتظرون “الصرف”لتغطية “المصاريف”.

لمدة أسبوع والقضية “نايضة”: لغط وقهوة وطاكوس،وسيلفيات.

العام المقبل سوف أحدثكم عن منافع نقل مهرجان حب الملوك إلى ساحة باب الحد. 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock