فن وثقافة

حين بكى الشعراء وتكلم الصمت:

تأبين الأديب إبراهيم أوحسين بأيت ملول.

احتضنت مدينة أيت ملول يوم 6 يوليو 2025 حفلاً تأبينياً مهيباً لتكريم روح الأديب الفقيد إبراهيم أوحسين، الذي ترجل عن صهوة الحياة بهدوء يشبه صمته العميق، وترك وراءه سيرة من النبل والصيت الحسن والفعل الجمعوي الجاد والكتابة الرصينة الأنيقة.

وهو لم يكن مجرد تأبين… بل كان احتفالاً بحياة عاشها في الظل وخلّدها في النور عبر كتاباته المنشورة والمخطوطة التي تنظر الطبع.

شهادات ودموع… وكلمات مفعمة بالحُب والعرفان والصدق… سطرت بمداد الوفاء والتقدير.

وقد انطلقت فعاليات التأبين بتلاوة آيات من الذكر الحكيم رتلها المقرئ محمد صلاح، ليعلو صوت القرآن ويغمر المكان بجو من السكينة والخشوع، تلتها كلمة رئيس فرع أيت ملول لمنتدى الأدب الجهة المنظمة، ثم كلمة المكتب المركزي لمنتدى الأدب – تارودانت ألقاها الأستاذ حسن أمدوغ، وكان ذلك بتسيير د. المختار النواري، تم تواردت باقي الكلمات التأبينية التي ألقتها هيئات ثقافية وجماعية، ورجالات الثقافة والفكر والتربية، مستحضرة مناقب الراحل، الذي جمع بين صرامة المبدأ وتواضع الخُطى.

وفي لحظةٍ عجزت فيها اللغة عن وصف الحزن، توالت الشهادات الصادقة من أصدقاء الراحل ورفاق دربه، وأسماء فنية وأدبية رصينة، مثل السيدات والسادة: سعيد جليل، فاطمة أوعسو، كريم بلاد، عبد الرحمان خال، المتقي عبد العالي، فاطمة باروك، ، والفنان حميد بايح إنرزاف، هذا الأخير الذي رثاه بصوت أمازيغي مكلوم، ختمه بقوله “إدّا غينّ ؤركَازْ، ءيدا كُلشي”.

كما كانت شهادة د.عبد العزيز أيت المكي، عميد كلية الشريعة بأيت ملول، من بين اللحظات التي جسدت عمق التأثر والاحترام الكبير لشخصية الراحل إبراهيم أوحسين، جامعاً بين الحكمة والخلق الرفيع، وعاشقاً صادقاً للكلمة المضيئة التي تعانق القلوب.

رثائياتٌ تئنّ بالحبر والدمع ووفاء بحجم الكون.

 

لم يكن الشعر غائباً عن المشهد، بل كان حاضراً بقوة، فارتقى إلى المنصة شعراء وشواعر نذروا قصائدهم لتأبين رفيق الحرف وعاشق القريض، أمثال: مولاي الحسن الحسيني، حكم حمدان، مولاي علي درار، لطيفة أثر رحمة الله، كريم أيت الحاج، سعاد السبع، نادية اخرازن، عائشة إدكير، إلهام العويفي وغيرهم.

فواصل إنشادية وشهادات مصورة… توثيق لذاكرة لن تُنسى.

 

تميّز الحفل بوصلة من المديح والإنشاد الروحي، أداها كل من عبد الرحيم كشول، ومحمد صلاح، بالإضافة إلى لحظة وفاء جسدتها الطفلة أمنية علون، وقد أضفت على المكان رهبةً وتجلّياً. كما عُرض شريطان وثائقيان، أحدهما عن مسيرة الفقيد، والآخر يضم شهادات حيّة مصورة عن سيرته ومسلكه الإنساني النادر، من بينها شهادات: خالد العيوض ومحمد بازي، ومدير مؤسسة العلويين، وبعض أصدقاء وتلاميذ الفقيد، شهادات صادقة سجّلت وقائع ودلالات إنسانية تعكس عمق الأثر الذي تركه الراحل في محيطه التربوي-المهني والثقافي والاجتماعي.

وفي تكريم عائلة تجلت أسمى معاني الوفاء، بل من أجمل لحظات الوفاء وسط تأثر وتصفيقات الحاضرين. واختُتم الحفل بدعاء جماعي، رفع فيه الحضور أكفَّ الرحمة لأجل روحٍ سامية، آمنت بالكلمة الصادقة وماتت واقفة.

   لقد رحل إبراهيم أوحسين في صمت، لكن صدى حضوره ظل يتردد في القلوب … إنهم لا يرحلون حقاً من يزرعون فينا المعنى ويُحيون في نفوسنا كل معاني النبل الإنساني كلما استحضرنا سيرتهم وعطاءهم الذي لا يشترط مقابلاً أو منفعةً شخصية ضيقة.

    لطيفة أثر رحمة الله(عضوة منتدى الأدب لمبدعي الجنوب)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock