حدثني عن الحرية، سأصدق فورا…
عثمان ناجي /كرونو نيوز
هناك روايات مختلفة حول ما وقع للكاتب المغربي سعيد ناشيد.يقول هو في رسالة مفتوحة للرأي العام أن مشغله تعسف عليه حين قام بفصله عن عمله.المشغل، و هو بالمناسبة وزارة التعليم، رد ببلاغ يشرح فيه حيثيات القضية من وجهة نظره.
تقول رواية الوزارة أن السيد ناشيد أخل بواجبه المهني،و خالف المقتضيات القانونية المتعلقة بحالات المرض و رفض أيضا أن يقوم بواجب التدريس،مما مس مصلحة المتعلمين.
ناشيد يصرح ان الوزارة تمنعه من السفر من أجل المشاركة في منتديات أكاديمية و ما شابه،الوزارة ترد ان استاذ التعليم الابتدائي غادر المملكة دون ان ترخص له الإدارة ،في خرق واضح للقانون.
معظم من قرأ رسالة المؤلف ناشيد تعاطف معه و طالب بارجاعه لعمله،خصوصا أن الرجل أكد أنه على ابواب التسول.
في سياق مماثل،يرى كثيرون أن الوضع الحقوقي ليس على ما يرام داخل البلد.هناك الآن صحافيان يخوضان معركة الجوع رفضا لاعتقالهما.
هنا أيضا روايتان.
الاولى تنسب ما جرى للتضييق على حرية التعبير و الكتابة ،و الثانية ترد أن الامر برمته لا يعدو ان يكون مجرد قضية تداولتها المحكمة بكل حيادية،مثل باقي القضايا الجنحية او غيرها ، الرائجة أمام القضاء.
تحتفظ الدولة دائما برواية تستند على أسبقية تطبيق القانون على الجميع،بغض النظر عن الوضع الإعتباري او المهنة او الشهرة التي قد يتمتع بها أيا كان.
لنتفق جدلا أن ناشيد لم يجد نفسه في دور مدرس الأطفال،و بالتالي فعمله لم يرقى إلى المستوى المطلوب من وجهة نظر رؤساءه المباشرين.ماذا لو عرضت عليه نفس الوزارة مهمة أخرى تناسب مهاراته البحثية و انشطته في مجال التأليف عوض فصله و رميه الى الشارع؟
هي بالمناسبة وزارة التربية الوطنية و التكوين المهني و التعليم العالي و البحث العلمي.هناك قطعا كرسي تدريس لناشيد داخل ثانوية او مركز تكوين ،حيث سيعانق الفلسفة مرة أخرى و لن يضطر لمراوغة واجبه كما تقول الوزارة.
بين الروايات المختلفة،يفرض فعل التضامن كثيرا من التمحيص،قبل ان يصبح قرارا علنيا.
في حادثة تضامن قريبة،ما إن غادر المعطي منجيب سجن السهول،حتى خرج بتصريحات غريبة و معادية لليسار و لرموز اليسار.ندم البعض لما بذله من ترافع من أجل أن يعانق منجيب الحرية و هاجمه البعض الآخر بشدة،و بكثير من خيبة الأمل.
في حالة ناشيد،قادم الأيام سيكشف التفاصيل التي لازالت في منطقة الظل.
لكن فوق ناشيد،و فوق منجيب و غيرهما،ينتصب الوطن بكل هيبة و بكل قدسية.الوطن يحتاج من الجميع تضامنا غير مشروط،دولة و مجتمعا مدنيا و كل من تسري في عروقه دماء مغربية حرة.
يترصد أعداء ظاهرون و خفيون بالوطن. كل ما يدور في فلك حقوق الإنسان و حرية التعبير يمنح هؤلاء فرصة ذهبية للنيل من المغرب و تلطيخ سمعته.
من أجل اسكات الأعداء،هناك طريق واحد و اوحد،على الدولة أن تعمل بقناعة و بجدية من أجل توسيع دائرة الحرية،لا العكس.
و ما عدا ذلك،يبقى مجرد روايات.