مقالات الرأي

هذه الكلمات ليست لي… هل نكتب أم نمتنع؟

عثمان ناجي /كرونو نيوز

كل الكلمات تتبخر سدى،في حين تراوح الأشياء مكانها. لا جواب شاف في الأفق. على الأقل،هكذا نحاكي سؤال هاملت الشهير و هو في حيرة وجودية بين الحب و الانتقام و عزة النفس و مشاعر أخرى مختلطة.

المأساة هي المأساة،رغم تعدد الأسئلة.في شارع الرباط الأشهر، ما وقع لمئات الشباب من المدرسين المحتجين موثق بالصوت و الصورة.عنف مفرط و رغبة ملتبسة في التخويف و الترهيب. خلال “مشهد الراهبات” من مسرحية وليم شكسبير ،يناجي هاملت نفسه بعبارة تختزل صعوبة الإختيار،بل و استحالته حين يجد المرء نفسه بين ظلم واضح يستدعي المواجهة الرهيبة،و السكوت المذل الذي يقود نحو الموت و الاندثار.

“نكون أو لا أكون”،هذا هو السؤال. يوم قرر جماعة من الحمقى أن المدرسة العمومية تستطيع ان تعيش و تتنفس و تبدع عبر تحويل اساتذتها الى مياومين بعقد عرفي مصادق عليه في اقرب ملحقة إدارية،قرر هؤلاء كذلك إنهاء وضع نظامي مشرف للاستاذ و ضامن لهيبته و مكانته،و طلبوا من الوافدين “المتعاقدين” الجدد ان يقبلوا و يصمتوا.

طبعا،انتفض “المتعاقدون”،خشية أن يصبحوا “متواطؤون”في قتل المدرسة. تتجاوز المسألة بعض الحقوق و بعض الامتيازات.يتعلق الأمر بالكينونة و بالهوية،بالصورة في المرآة. يتلاعب الجالسون في الظل المشبوه، بمصطلحات خادعة تهدف لاقناع الناس و العالم ان ما جرى من محاولة بائسة لشطب إسم أستاذ من لائحة المهن القارة،النظامية و المحترمة لم تحصل أبدا و أن الأستاذ هو الأستاذ.

شر البلية ما يضحك. هملت هي أطول مسرحية لشكسبير، ويعتبرها النقاد من بين أكثر الأعمال الأدبية قوة وتأثيراً في العالم.كانت أيضا من أكثر أعمال شكسبير شهرة خلال حياته، وما زالت تحتل المرتبة الأولى بين مؤلفاته، حيث تتصدر قائمة أداء شركة شكسبير الملكية منذ عام 1879.

أثارت مسرحية هاملت كثيرا من الاهتمام بجوانبها المتداخلة من رغبات قتل دفينة في اللاوعي و غيرها من مشاعر متناقضة. في مشهد مواجهة بين الغريمين،تتلخص كل التراجيديا: الملك: كيف حال إبن اخي؟هاملت: ممتازة والله ! طعامي طعام الحرباء: آكل الهواء محشواً بالوعود، حتى الفرخة لا تستطيع إطعامها كذلك.الملك: إني أنكر هذا الجواب يا هاملت.

هذه الكلمات ليست لي.هاملت: ولا لي…(الفصل الثالث، المشهد الثاني )لا ادري لأي سبب معقول على المرء أن يترك جانبا مسرحية ناجحة و خالدة مثل هاملت، ليهتم بمسرحية أخرى مؤلفها فاشل و حبكتها ضعيفة و مضحكة.ربما لأن شخوصها يتجاوزون المئة ألف،و لأن مخرجها المسكين بنفسه لازال ينتظر أن تكتب له جهة ما سطور النهاية.و لأن الأبطال رائعون،سنستمر في الكتابة حتى يسدل الستار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock