الشعر يقارع قمم الأطلس: دار الشعر بمراكش تنظم “نزاهة شعرية” في قلب أمسوزارت بجبال توبقال.

متابعة : لطيفة اثر رحمة الله.
في إطار انفتاحها المستمر على الفضاءات المفتوحة، وسعيها الحثيث لترسيخ الشعر في النسيج الثقافي المغربي المتعدد، نظمت دار الشعر بمراكش بقيادة عبد الحق ميفراني “نزاهة شعرية” فريدة من نوعها بدوار أمسوزارت في قلب جبال توبقال، وذلك يومي 25 و26 يوليوز 2025، ضمن فعاليات الدورة الثالثة لهذا التقليد الشعري البهيج.
انطلقت الفعاليات مساء الجمعة 25 يوليوز، حيث عاش الحاضرون أمسية حالمة بجوار ضفاف الوادي، تماهى فيها خرير الماء العذب مع نبض الكلمة الشعرية، في لقاء شعري مزج بين الطبيعة والشعر، واحتفى بإبداعات مشتل شعراء دار الشعر بمراكش، الذين نقلوا صوت القصيدة إلى الفضاء المفتوح في انسجام بديع مع الطبيعة الجبلية الساحرة.
وفي اليوم الموالي، تحولت ساحة أمسوزارت إلى منصة مفتوحة على الجمال، احتضنت عرسا شعريا بهيجا جمع بين الشعر العربي والأمازيغي في لحظة احتفاء بالتعدد اللساني والثقافي المغربي. تميز اللقاء بمشاركة لافتة لكل من الشاعرة رقية عطية بمواويلها النابعة من صهوة التاريخ والشاعر إبراهيم أهوكار في إطار الاحتفاء بالشعر الأمازيغي المحلي، كما تألقت الشاعرة لطيفة أثر رحمة الله بإلقاءات شعرية عذبة باللغة العربية، تحت إشراف وتسيير الإعلامي والشاعر هشام أد لحسن.
ولم يكن الشعر وحده الحاضر في هذا المشهد الفني، بل زينته نغمات التراث الأمازيغي الخالد، بإيقاعات فرقة “أحواش مزكمات”، التي أضفت على الأمسية طابعا فرجويا أصيلا أعاد الحاضرين إلى جذور الثقافة الجبلية العريقة بمواويلها العذبة المشيدة بالارض والانسان والجمال.
هذه المبادرة الشعرية الرائدة تؤكد مرة أخرى رهان دار الشعر بمراكش على جعل الكلمة الشعرية جسرا للتلاقي بين الثقافات واللغات، من خلال إخراج الشعر من القاعات المغلقة إلى الدواوير والمداشر، وإعادة الاعتبار للفضاء العام كمسرح للفرجة الجمالية والتداول الفني الحي.
ولعل ما يميز هذه التظاهرة الثقافية هو الرهان الواعي على المزج بين الشعر وأشكال التعبير الشعبي المحلي، بما يرسخ تقاليد جديدة في الأداء الشعري، وينفتح على مقاربات بصرية وسمعية تتجاوز القراءة الكلاسيكية، لترتقي بالقصيدة إلى مقام المشهد الحي، القريب من الناس، المنصت إلى نبضهم، والمُعبر عن ذواتهم وهمومهم.