مقالات الرأي

“الحركة” مرة أخرى *أخطاء مهنية قاتلة مبررة بصيغة “التخرج من المعهد العالي للصحافة” * نائبة برلمانية”نٌقلت” من التقدم والاشتراكية ونسبت للحركة الشعبية بجرة قلم!

عبد النبي الشراط. 

كنت سأتوقف عن موضوع متابعة شؤون “الحركة” والحركيين عند مقالي الأخير المنشور قبل أيام بهذه الصفحة، وتناقلته مواقع إلكترونية.

فأنا حينما كتبت عن “الحركة” كنت أقصد الجريدة بالذات، أما “الحركة” كهيئة سياسية فأنا لا أتدخل في شؤونها، لأن ذلك يعني الحركيين والحركيات فقط، خاصة وأنني أكن لهم كل التقدير والاحترام، خاصة وأن الحركة الشعبية قاومت إلى جانب هيئات أخرى، في مقدمتها “حزب الشورى والاستقلال” العبث الحزبي الذي كاد يفرض نفسه على المغاربة، وكان أصحاب هذا العبث يسعون إلى فرض ديكتاتورية الحزب الوحيد، فأذاقوا الوطنيين وابلا من التنكيل والتعذيب والسجون الرهيبة والمعتقلات الجهنمية مثل “دار بريشة” بتطوان وسجون أخرى في جل المدن المغربية، (القصر الكبير وغفساي وغيرها من المدن) وكان مؤسسو الحركة الشعبية جزء لا يتحزأ من هؤلاء الوطنيين الذين عذبوا وسجنوا وشردوا وقتلوا ظلما وعدوانا، وما مجزرة سوق أربعاء الغرب يوم 23 يناير 1956 ببعيد عن هذا المشهد المرعب، حيث ذبح هناك العشرات من شبيبة حزب الشورى والاستقلال، في واضحة النهار وأمام مرأى الناس والسلطة، في مشهد لم يحدث لحد الآن حتى في فلسطين. وكان الشوريون قد حجوا لهذا المكان من مدينة وزان والنواحي لاستقبال المحجوبي أحرضان بمناسبة تعيينه عاملا على إقليم الرباط، وكان شاهدا على تلك المجزرة الرهيبة التي حينما عرضت على القضاء حينئذ صدر حكم لصالح القتلة والمجرمين مذيل بعبارات: ” هذه مجزرة بدون جزارين ومذبحة بدون ذباحين” ومن هذا المنطلق فأنا أحفظ للحركة الشعبية ودا وطنيا لا يتغير. وأنه لا يربطني بالحركة الشعبية إلا التاريخ فقط.

وما كنت لأضيف هذا المقال لولا تعليق السيد “الحنشاوي” الذي فهمت لاحقا أنه هو صاحب تلك الأسماء (الأبوية)، وطبعا هو رئيس تحرير “الحركة” الجريدة، وكانت ملاحظاتي تتعلق بالمهنة لا غير، وإلا فإن السيد الحنشاوي يمكنه أن يقول لنا أين درس ومن درسه أن يقحم اسمه في بلاغ لهيئة سياسية؟ كيف يمكن له أن ينشر في جريدته بلاغا سياسيا للحزب الذي تتبع له الجريدة، موقعا كالعادة في الأسفل باسم الأمين العام، بينما يضع اسمه بالبنط العريض أعلى ذاك البيان… فإذا كان هذا ما درسه الحنشاوي في “المعهد العالي للصحافة” فأنا سعيد جدا لأنني لم أدرس ولم أتعلم الصحافة في هذا المعهد.

الحنشاوي، بدأ تعليقه على مقالي بهذه العبارة “قد تكون على قدر من الصواب بخصوص مسار حزب الحركة الشعبية. لكن أن تكون مقدمتك تغليفا لرسالة أسندوا إليك مهمة تمريرها في زمن التكالب والتلفيق. لايهمني من تكون و ماهي علاقتك بحزب الحركة الشعبية أو بهيئة تحرير جريدة الحركة القوية بأقلامها”. هكذا قال…

ويفهم من كلامه (أنني مدفوع من جهة ما للتضييق عليه…) وهذا مجرد خطأ لا غير، فأنا لا صلة لي إطلاقا بأي حركي أو حركية، ولا أعرف أي قيادي من قادتها، أنا فقط اطلعت بمحض القدر على بعض أعداد الجريدة، وسجلت وجهة نظري في طريقة وكيفية تحريرها، وتوقعت أن قياديا ما في الحركة هو من أتى بهذا “الصحفي المهني جدا” ليرأس تحريرها، وهو أيضا لا أعرفه ولم أكن أسمع به حتى، وليست بيني وبينه حزازات ولا عداوات (ولا بقر مشروكين) ولا مصالح أخرى مشتركة، حتى أنني لم أكن أعرف أن الذي يوقع (عشر مقالات باسم (أبو… وأبو… وأبوين…) هو نفسه رئيس التحرير.

لكن بتعليقه فتح لي شهية البحث داخل البيت الحركي نفسه، فتأكدت لي روايتي بأنه فعلا أوتي به من طرف قيادي بالمكتب السياسي للحركة الشعبية، وهذا القيادي طرح لاحقا سؤالا عجيبا في البرلمان يدافع فيه عن “الصحافة الجهوية، ويسائل الحكومة عن إمكانية دعمها” وهو سؤال جيد لو كان من طرحه يغار على صحيفة حزبه أولا، فيسعى لإصلاحها، ويعمل على تجويد مهنيتها، بالتالي لا يجب على بعض القيادات الحزبية أن تفرض أشخاصا بعينهم على هرم جريدة الحزب، حتى لو كان هؤلاء الأشخاص قد تخرجوا فعلا من “المعهد العالي للصحافة” والحقيقة أنا أتساءل -مهنيا فقط- كيف يتم تغييب دور “مدير النشر” الذي تبقى له الكلمة الفصل فيما ينشر في صحيفته من مواد صحفية؟ خاصة وأن مدير نشر “الحركة” رجل مقتدر وكفء وله تاريخ مشرف في إدارة شؤون جريدة الحركة، ومن زمان.

وقد تأكد كلامي الذي كان تخمينا وأضحى حقيقة، هو أن “رئيس التحرير” هذا مفروض من جهة عليا داخل هرم حزب الحركة الشعبية، ودون الدخول في بقية التفاصيل فقد تابع السيد الحنشاوي تعليقه بهذه الكلمات: “منذ أزيد من سنة (دخلت) جريدة الحركة في دينامية متواصلة ساهم فيها إلى (جانب زميلات و زملاء).التغيير أشاد به المهنيون
والقراء على السواء باستثناء (أولئك الذين لا كفاءة لهم.الذين يرون في كل جديد عدو محتمل)
ثم دعاني “من هذا الفضاء أدعوك للانخراط في هذه الحركية والمجال مفتوح كما هو كذلك لغيرك من حاملي الأقلام ذوي الكفاءات.أما الأحكام الجاهزة فلا مكان لها بيننا) .

إذا أحدا منكم فهم هذه الكلمات فليشرحها لي لاحقا، ربما لأنني لست من “خريجي المعهد العالي للصحافة” ولذلك لم أفهم طلاسيم الأخ الحنشاوي.

الفضيحة الكبرى…
ارتباطا بموضوع الأخ الذي تخرج من المعهد العالي للصحافة، فقد جرى له ما جرى لصحفي عراقي كان يعمل بجريدة الحركة، ونشر موضوعا يتهم فيه برلماني حركي باستغلال العمال بشركته، وقد فصلت ذلك في مقالي السابق.

أما صاحبنا (خريج المعهد… والذي قضى من عمره المديد أربعة عقود في ممارسة المهنة، وتحمل مسؤوليات عديدة بها…طبقا لقوله، فقد “أنجز كارثة مهنية لم يسبقه لها أحدا من العالمين الذين يشتغلون في الصحافة” فقد نشر في العدد: 11225 على يمين الصفحة الأولى عنوانا عريضا مرفوقا بصورة لنائبة برلمانية تنتمي لحزب التقدم والاشتراكية، هي السيدة: نادية التهامي، ونشر تفاصيل مداخلتها على الصفحة الثانية من نفس العدد مرفقا التدخل بصورتها واسمها الكامل، ونسب كل ذلك للفريق الحركي، يعني أن “الصحفي خريج المعهد، وذو أربعة عقود في مهنة الصحافة، ومنذ سنة كاملة (طبقا لقوله) وهو يشتغل بجريدة الحركة، لكنه لا يعرف برلمانييها وبرلمانياتها، وهي كارثة صحفية عظمى، تنضاف لسجله المهني …” علما أنه نقل تدخل النائبة التقدمية من موقع إلكتروني بنظام الكسل المعتاد (نسخ لصق) أو (كوبي كلي).
في أدبيات المهنة، يعتبر ذلك خطأ قاتلا، وليس خطأ عاديا، وأن اعتذاره في العدد الموالي للصحيفة، يعتبر كارثة أسوأ.

كل هذه “الكوارث” تحصل في جريدة الحركة لسان حزب الحركة الشعبية، الحزب العريق، الذي قاوم الطغيان الحزبي، وناضل من أجل التعددية الحزبية في المغرب في خمسينيات القرن الماضي، ثم يأتي في سنة 2025، ليوظف (صحافيا) بهذا المستوى… من (النضج والمسؤولية).

والحقيقة أنا أتساءل ما دور الأمين العام للحزب “محمد أوزين” هل أنه لا يقرأ جريدة حزبه، أم أنه مجرد أمين عام شكلي ينفذ أوامر “شنقريحة” حزب الحركة الشعبية؟ قد يكون مدير النشر مغلوبا على أمره، لكن أمين عام حزب يقبل هذه الكوارث المهنية بجريدته فذاك ما لا يفهمه الراسخون في علم السياسة وعلم الصحافة والإعلام.
قد نعود لاحقا للموضوع.
2025/11/25

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock