الكاتب العام لرئاسة النيابة هشام بلاوي يفتتح الدورة التكوينية الثانية نيابة عن رئيس النيابة العامة: تعزيز القدرات في مجال استخدام أدلة الطب الشرعي في التحري والتحقيق..
خالد اخازي.
شارك هشام بلاوي الكاتب العام لرئاسة النيابة العامة نيابة عن الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض رئيس النيابة العامة الحسن الداكي في افتتاح أشغال الدورة التكونية الثانية حول استخدام أدلة الطب الشرعي في التحري والتحقيق في ادعاءات التعذيب طبقا لبرتوكول استنبول بشراكة مع المجلس الأعلى للسلطة القضائية وبدعم من مركز جنيف لحوكمة قطاع الأمن والتي تنظم بمراكش على امتداد ثلاثة أيام من 27 من الشهر الجاري إلى 29 منه .
حضر جلسة الافتتاح عدد من المسؤولين القضائيين و القضاة؛ وممثلو المؤسسات الوطنية؛ وممثلة مركز جنيف لحوكمة قطاع الأمن؛ وعدد من الخبراء وفعاليات أخرى
وفي السياق ذاته ونيابة عن رئيس النيابة العامة، ألقى كلمة قيمة ذكر فيها بكون هذه الدورة تنخرط في برنامج تعزيز القدرات في مجال استخدام أدلة الطب الشرعي في التحري والتحقيق في ادعاءات التعذيب طبقا لبرتوكول استنبول في صيغته المراجعة ، منشآت الذاكرة الجماعية باستحضاره السياق العام لهذه الدينامية الرقمية التكوينية التي تم تدشينها ضمن فعاليات ندوة وطينة نظمت من لدن رئاسة النيابة العامة بشراكة مع المجلس الأعلى للسلطة القضائية بتاريخ 07 أكتوبر الماضي بدعم من مركز جنيف لحوكمة قطاع الأمن.
وفي السياق ذاته أكد على أن هذا البرنامج ينخرط في إطار مواصلة تنفيذ برنامج أوسع ربطه بتعزيز قدرات القضاة في مجال حقوق الإنسان الذي أطلقته رئاسة النيابة العامة بتعاون مع المجلس الأعلى للسلطة القضائية بتاريخ 10 دجنبر 2020، بمناسبة الذكرى 72 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
واسترجع القيمة النوعية والكمية للدورة الأولى التي نظمت بمدينة الرباط بتاريخ 08 و09 أكتوبر، مسجلا استفادة 70 مشاركا من قضاة النيابة العامة وقضاة الحكم وقضاة التحقيق، فضلا عن ممثلين عن الضابطة القضائية ومندوبية إدارة السجون وإعادة الادماج وأطباء شرعيين والمجلس الوطني لحقوق الإنسان من فعاليات تلك الدورة.
وأضاف في الصدد كاته أن تنظيم هذه الدورة الثانية يروم توسيع دائرة المشاركين بتحقيق أكبر عدد ممكن من نفس الفاعلين الأساس المعنيين بالموضوع للاستفادة من هذا البرنامج، مؤكدا أن هذه الدورة تعرف مشاركة حوالي 80 قاضيا وقاضية منتدبين عن كافة محاكم الدوائر الاستئنافية بكل من مراكش وأسفي وسطات وكلميم وورززات والعيون فضلا عن مشاركة ممثلين عن الضابطة القضائية ومندوبية إدارة السجون وإعادة الادماج وأطباء شرعيين، مفيدا أنه سيتم تنظيم دورتين جهويتين إضافيتين لضمان استفادة ممثلين عن باقي محاكم وجهات المملكة من هذا البرنامج.
وذكر بالسياق العام لاعتماد هذا البرنامج التكويني التخصصي نؤكد على أنه يأتي في إطار مواكبة انخراط المملكة المغربية المضطرد في المنظومة الدولية لحقوق الإنسان وترجمة إرادتها الراسخة في تكريس مبادئ حقوق الإنسان وضمان التمتع بها من خلال مجهود متواصل لإدماج المعايير الدولية المترتبة عن الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها المملكة المغربية في التشريعات الوطنية واستحضارها في الممارسات اليومية لمختلف المؤسسات والجهات المعنية.
واستحضر في الكلمة الافتتاحية ذاتها مضامين الرسالة السامية لجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، الموجهة للمشاركين في المناظرة الدولية التي احتضنتها مدينة الرباط يومي 7 و8 دجنبر 2023، بمناسبة الاحتفاء بالذكرى 75 للإعلان العالمي لحقوق الانسان، حيث اقتبس مقطعا مضيئا من الرسالة الملكية كالتالي” وإن تشبثنا الراسخ بالدفاع عن هذه الحقوق وتكريسها، لا يعادله إلا حرصنا الوطيد على مواصلة ترسيخ وتجويد دولة الحق والقانون وتقوية المؤسسات، باعتباره خياراً إرادياً وسيادياً، وتعزيز رصيد هذه المكتسبات، بموازاة مع التفاعل المتواصل والإيجابي مع القضايا الحقوقية المستجدة، سواء على المستوى الوطني أو ضمن المنظومة الأممية لحقوق الإنسان” مع تذكيره أيضا بمقتضيات الدستور المغربي التي تشكل ميثاقا حقيقيا لحقوق الإنسان ولا سيما الباب الثاني منه المتعلق بالحقوق والحريات وغيرها من المقتضيات التي عززت الضمانات القانونية والقضائية لحماية حقوق الإنسان والنهوض بها مما شكل ركيزة أساسية لانطلاق العديد من الإصلاحات التشريعية والمؤسساتية ببلادنا.
محددا هذه المقتضيات التي جاءت في الفصل 22 الذي ينص على حماية السلامة الجسدية والمعنوية للأشخاص وعدم جواز معاملة الغير تحت أي ذريعة، معاملة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة أو حاطة بالكرامة الإنسانية، وعلى تجريم التعذيب بكافة أشكاله، في الفصل 23 الذي عزز الضمانات القانونية الأساسية لحماية حقوق المتهم بما في ذلك الوقاية من التعذيب وسوء المعاملة حيث نص على احترام الإجراءات القانونية المطبقة في حال إلقاء القبض على أي شخص أو اعتقاله أو متابعته أو ادانته، و إخبار كل شخص تم اعتقاله بشكل فوري بدواعي اعتقاله وبحقوقه التي منها الحق في التزام الصمت، وتمكينه من الاستفادة من المساعدة القانونية، والاتصال بأقربائه طبقا للقانون. كما نص هذا الفصل على ضمان قرينة البراءة والحق في محاكمة عادلة وتمتيع الشخص المعتقل بحقوق أساسية وبظروف اعتقال إنسانية.
ولم يفت فس الصدد ذاته استحضار الضمانات القانونية الأساسية التي كرسها قانون المسطرة الجنائية في المادة 66 منه ولا سيما الحق في الاتصال بمحام والحق في التزام الصمت والحق في الاتصال بالأقارب.
وأضاف في الصدد نفسه أن رئاسة النيابة العامة تفعل هذه المقتضيات بجعل حماية حقوق الإنسان ومكافحة التعذيب أولى أولويات السياسة الجنائية، مستشهدا بما تعكسه التقارير السنوية لرئاسة النيابة العامة فيما يخص الجوانب المتعلقة بالمعالجة القضائية لقضايا التعذيب ومتابعة شكايات ادعاءات العنف والتعذيب وسوء المعاملة.
وبسط بعدا إجرائيا من استراتيجية تنزيل هذه المقتضيات مسجلا ما يقوم به قضاة النيابة العامة بدور فعال في في منع التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة من خلال السهر على تطبيق المقتضيات القانونية المتعلقة بالوقاية منه ومكافحته، والتفاعل مع الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب المحدثة لدى المجلس الوطني لحقوق الإنسان بموجب البرتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب، وكذا زيارة أماكن الحرمان من الحرية، وفتح تحقيقات في الشكاوى المتعلقة بادعاءات التعذيب المقدمة إليهم، وعرض المعتقلين على الخبرة الطبية كلما اقتضت الضرورة ذلك وفقا للمادة 73 من قانون المسطرة الجنائية التي تنص على أنه ” … يتعين على الوكيل العام للملك إذا طلب منه إجراء فحص طبي أو عاين بنفسه آثارا تبرر ذلك أن يخضع المشتبه فيه لذلك الفحص. إذا تعلق الأمر بحدث يحمل آثارا ظاهرة للعنف أو إذا اشتكى من وقوع عنف عليه يجب على ممثل النيابة العامة وقبل الشروع في الاستنطاق إحالته على فحص يجريه طبيب. ويمكن أيضا لمحامي الحدث أن يطلب إجراء الفحص المشار إليه في الفقرة السابقة”.
وأضاف في السياق ذاته أنه إذا كان برتوكول استنبول: دليل التقصي والتوثيق الفعالين للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة تم اعتماده مند سنة 1999 وتمت مراجعته سنة 2022 باعتباره يتضمن مبادئ توجيهية ومعايير دولية، يهدف إلى البحث والتحري وتقييم الأشخاص الذين يدعون التعرض للتعذيب وسوء المعاملة والتحقيق في حالات التعذيب المزعومة قصد إبلاغها للجهات القضائية لاتخاذ مايلزم من قرارات بشأنها، فإن أهمية هذا البرتوكول لا تنحصر فقط فيما يحمله من مبادئ وشروط يتعين أن يتقيد بها الخبير الطبي ويستحضرها القضاة وموظفو إنفاذ القانون، بل إن تزايد الاهتمام به انعكس في عمل هيئات المعاهدات ولاسيما لجنة مناهضة التعذيب التي تستحضره بمناسبة فحص تقارير الدول الأطراف في اتفاقية مناهضة التعذيب في البعد المتعلق بالتوعية والتكوين في هذا المجال حيث تخصص جزءا من ملاحظاتها الختامية وتوصياتها لذلك.
واعتبر أن اعتماد هذا البرنامج الخاص يأتي في إطار مواصلة تنفيذ برنامج تعزيز قدرات القضاة في مجال حقوق الإنسان يشمل تنظيم أربع دورات تكوينية مع الحرص على أن يتم تأطيرها من طرف خبراء دوليين مرموقين من بينهم من شاركوا في إعداد الصيغة المراجعة لبرتوكول استنبول وآخرون لهم خبرة وتجربة عملية في هذا المجال،مؤكدا على تنظيم دورة خاصة لفائدة مجموعة من الأطباء تكوين فريق لإعداد دليل وطني خاص بالموضوع.
وللإشارة فقد توج كلمته بتقديم جزيل الشكر إلى الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية على ما دعمه في تنفيذ هذا البرنامج وتفاعله الدائم مع كافة المبادرات التي تقوم بها رئاسة النيابة العامة، وانتهى الفرصة ليشكر أيضا مركز جنيف لحوكمة قطاع الأمن على دعمه لهذا البرنامج والخبراء الدوليين الذين تحملوا عبئ السفر وقبلوا المشاركة في تأطير دورات هذا البرنامج وليشكر كل من أسهم في إعداده وتفعيله، معبرا عن أمله أن يساهم في تعميق وعي المشاركين فيه وتعزيز قدراتهم في مجال استخدام أدلة الطب الشرعي في التحري والتحقيق في ادعاءات التعذيب وسوء المعاملة.
أنهى كلمته بالتضرع لله طلبا للتوفيق لتحقيق كل ما يعزز الرفع من مستوى أداء العدالة، ولكل ما فيه خير البلاد والعباد تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، وأقر عينه بولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير الجليل مولاي الحسن، وشد أزره بصـنوه الرشيد الأمير مولاي رشيد وكافة أفراد أسرته الشريفة، إنه سميع ومجيب للدعاء.