مقالات الرأي

لفتيت…. والمنصات المشبوهة….

 

خالد أخازي: إعلامي مستقل وروائي

فتحت النيابة العامة بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، قسم جرائم الأمل قضية مرتبطة بشبهة اختلالات مالية تحت غطاء عيد العرش…

والجماعة المعنية هي جماعة الدورة بإقليم برشيد…

هذا الحدث لا يمكن أن يمر مرور الكرام…

فيوم اعتلى ملك البلاد العرش، أول ما قام إنهاء مشاهد الاحتفالات الباذخة، بل حتى العادية منها باسم عيد العرش…

أو أي مناسبة وطنية…

فالولاء لا يمكن أن تعبر عنه منصة صاخبة…

تعطيل الاحتفالات لم يكن لأنها كانت باذخة فحسب، بل لأنها كانت مظلة لكثير من النخب المنتخبة للفساد المالي، والنهب بعيدا عن كل محاسبة…

قرار الملك منذاك بالقطع مع هذه الاحتفالات وتحويل كل غلاف مخصص لها إلى مشاريع للتنمية من أجل الفقراء… حمل كثيرا من الدلالات الحضارية والسياسية…

ثم جاءت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية لتطويق الهشاشة وإرساء منظومة تنمية مجتمعية يكون فيها الفاعل المدني شريكا…

فوصفته الصحافة الدولية بملك الفقراء…

ولكن شيئا ما جعل النخب المنتخبة تعود إلى عادتها…

وتنسى…. أو تتناسى…

 بعض الجماعات والمقاطعات … أقامت الدنيا ولم تقعدها احتفالات ومواسم وتظاهرات، تحت يافطة ذكرى وطنية…

والعطش يكاد ينهك البلاد…

ومنصة واحدة كافية لحفر بئر…

أو مد قنوات الماء الصالح للشرب…

أو خلق مناصب شغل مؤقتة….

أو تأهيل مدرسة…

بل شراء أدوية الأمراض المزمنة….

فأكثر الجماعات بدأت تنسحب من هذه الخدمة الصحية…. ولم يعد مرضى السكري الفقراء يجدون الدواء الذي كانت تقتنيه الجماعات….

والحال… أن هذه السنة تفرغت كثير من الجماعات والمقاطعات للاحتفالات والمواسم والتظاهرات، وكلها تحت يافطة ذكرى وطنية…

ونست الماء والدواء والمسالك الطرقية والتنمية عامة…

يكادون أن يوقفوا الزمن، ويعيدوننا إلى مرحلة بائدة، تم القطع معها بقرار ملكي…

فضجت الفضاءات العمومية من جديد بأنشطة تركب على المناسبات الوطنية…

إن كنا نعلم أن أكثر التظاهرات من هذا النوع لا تحتاج إلى مسطرة إعلان الصفقات العمومية، بل تلجأ فقط إلى مجرد سندات الطلب… فلا عجب إن وجدنا في جماعة ما تضخما للفواتير وشركات من الباطن وجمعيات المنتخب… واختلالات كبرى…

سيصبح ثمن الكأس عجائبيا…

وفواتير الطعام صاروخية…

وكثير من العبث….

فعقلية الزمن البائد…. تعني استغل مناسبة وطنية…. وانهب بحرية…

المغرب يعيش ظرفا اقتصاديا واجتماعيا صعبا ومقلقا…

مؤشرات البطالة مخيفة…

مؤشرات التنمية كارثية…

مؤشرات التربية… متذيلة أسفل المراتب…

تكاليف حفلات باسم الوطنية والولاء، كان ممكنا أن توجه للتنمية وتقليل الهشاشة وحفر الآبار… والمساهمة في دعم الصحة والتعليم….

هذا ما قرره الملك حين اعتلى العرش….

فهل نسيتم….؟

سمته الصحافة الغربية ب” ملك الفقراء “…

ونعلم جميعا… أن مثل هذه الاحتفالات والمواسم والتظاهرات تشكل لبعض النخب المنتخبة ريعا، لشبكة معقدة من الفساد المالي والمصالح الخفية.. وضمن حلقاتها بعض الجمعيات وشركات الأقرباء والأصدقاء….

فسندات الطلب ظلت لسنوات طريقا ملتوية للفساد المالي، بالتجزيء المتحايل للصفقات الكبرى، حتى تلائم ماليا سندات الطلب وتفريخ شركات ذوي القربى والغنيمة في الظلام و بعض الجمعيات الشريكة تحت مظلة منتخب…

هل نسيتم قرار الملك….؟

من يريد أن يحتفل بعيد الشباب فليحتفل بما أنجره للشباب المغربي…ويقدم الحصيلة…

فالولاء الحقيقي هو خدمة الشعب…

أن تحتفل بذكرى ثورة الملك والشعب هو أن تكون في قلب هذه الثورة والتلاحم الأبدي بين ملك وشعب وفي أن تخدم الشعب….

توقفوا عن العبث…

توقفوا عن الحنين للزمن البائد..

لقد قالها ملك البلاد منذ ربع قرن …

الاحتفال الحقيقي هو خدمة الشعب…

لا منصات للخواء لتبرير الاختلالات…

تذكروا أن العهد الجديد قطع مع احتفالات ظاهرها حق وباطنها خرق…

ننتظر من لفتيت أن يحرك لجن التفتيش…

ليئد في المهد أفعى قديمة… خرجت من الجحر…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock