مقالات الرأي

ماذا يجري في تاونات؟اللجوء للقضاء من أجل “الكلمة” ليس سلوكا حضاريا

عبد النبي الشراط
الكلمة، مجرد “كلمة” أحيانا تصبح مثل طلقة بندقية، ولذلك يسعى الكثيرون من الناس، (خاصة الذين يوجدون في مراكز القرار، أو يمارسون مهمة الشأن العام، مثل المنتخبون) ويسعى هؤلاء عادة إلى التصدي لكل كلمة تقال أو تكتب عنهم، لأن هذه “الكلمة” تقلق راحتهم، وتسبب لهم الارتباك والدوخان، ولذلك يلجأون عادة إلى التهديد أو سلك مسطرة القضاء.


وإذا كان اللجوء للقضاء حقا دستوريا لكل مواطن، على أو نزل شأنه، فإننا نرى في قضايا “الكلمة” أن اللجوء للقضاء مسألة غير حضارية على الإطلاق لعدة أسباب، أهمها:


أولا/ مضيعة وقت المحاكم بمثل هذه القضايا التي يمكن حلها بطرق أخرى يضمنها القانون، مثل الردود والتوضيحات والتكذيب إن اقتضى الأمر.


ثانيا/ إهدار الوقت والمال والجهد في قضايا لا تنفع المواطن ولا تخدم مصلحته في شيء، ولأن الكلمة يجب أن تقابل بالكلمة لا غير.
ثالثا/ الذين يرفعون هذه القضايا باسم الجماعات الترابية التي يمثلونها أو الإدارات أو غيرها من المؤسسات الرسمية وشبه الرسمية، نتساءل بالمناسبة من أين يمولون أتعابها؟ هل على حساب الجهة التي يمثلونها أو من حسابهم الخاص؟ فإذا كانوا يدفعون أتعاب المحامي مثلا من ميزانية الجهة التي يمثلونها فذاك وحده يعتبرتبذيرا للمال العام بشكل غير مشروع.. وهذا موضوع آخر..


مناسبة هذا الكلام، على خلفية المتابعة التي يتعرض لها المواطن “جمال التاودي” من طرف بعض رؤساء جماعات إقليم تاونات، بسبب ما فسره هؤلاء على أن “التاودي” تطاول عليهم في الكلام الذي فسروه بالسب والقذف وما إلى ذلك.. عبر صفحته في “فيس بوك” عبر البث الكلامي المباشر، وبغض النظر عما يمكن أن يكون قد قيل عبر وسائط التواصل الاجتماعي، فالأجدى أنه كان من الممكن الرد على ذلك بنفس الوسيلة، لكن اللجوء للقضاء في قضايا بسيطة كهذه يعتبر نوعا من أنواع التخويف والترهيب، ويمكن تفسير ذلك بأن هؤلاء يوجهون رسائل واضحة لكل الذين يستخدمون هذه الوسائط كي يصمتوا..


النقد مسألة حضارية، وقد يخطئ المنتقد أحيانا، لكن هناك طرق أخرى لمعالجة الموضوع، دون ضجيج، ودون هدر لوقت القضاء، لأن القضاء لديه ما يكفي من قضايا أخرى قد تكون أهم من هذه بكثير، كما أن استعمال القضاء لتصفية حسابات حزبية أو سياسية أو انتخابية لا نحسبه صوابا بالمطلق.


كمتابع ومهتم لما يجري بإقليم تاونات، آمل من الرؤساء الذين رفعوا هذه القضايا ضد “جمال التاودي” أن يتراجعوا عنها، وإذا فعلوا ذلك فإنهم هم المنتصرون، لأنهم بذلك إن فعلوا سيكونون قد احتكموا للعقل والمنطق.. وهو ما أتوقعه منهم.
الرباط 22 يونيو/ حزيران 2023.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock