حقوقيون وإعلاميون يضعون مسألة الدفاع عن مغربية الصحراء ودور مغاربة العالم على سلّم الأولويات

إبراهيم بن مدان.
في زحمة الصيف والتهافت على مهرجانات الترفيه، انفردت قلعة مكونة، البلدة الصغيرة بالجنوب الشرقي للمملكة المغربية، بتنظيم ملتقى دولي لمغاربة العالم حول دورهم في الترافع الدولي عن مغربية الصحراء، تحت شعار: “الربط الجيلي لمغاربة العالم، فرص وتحديات”، وذلك خلال الفترة الممتدة من 5 إلى 10 غشت 2025، بمختلف فضاءات المدينة المكتظة بالزوار المحليين والأجانب.
وقد احتضنت قاعة الاجتماعات الكبرى بمقر بلدية المدينة ندوة دولية تحت عنوان: “دور مغاربة العالم في الدفاع عن القضايا الوطنية: قضية الصحراء المغربية ونموذج مبادرة الحكم الذاتي”.
وقد أبرز المتدخلون من خلالها محاور عدة، منها دور أفراد الجالية المغربية في دعم مجهودات الدبلوماسية المغربية الرصينة، في تحصين المكتسبات الوطنية، واكتساح فضاءات جديدة للتعريف بمقومات السيادة المغربية على الأقاليم الجنوبية، بالإضافة إلى تحسين آليات الدفاع على المستويين الوطني والدولي، واستكشاف حزمة من التقنيات والمعايير اللازم أخذها بعين الاعتبار لمجابهة سيل الأخبار الزائفة وحملات استعداء المصالح الوطنية في مختلف مناطق العالم.
وفي السياق ذاته، أبرز السيد عثمان بنطالب أهمية الحدث، وثمّن عالياً إرادة القائمين على تنظيم الملتقى والندوة، لما لاختيار موضوع النقاش من زخم على مستوى نشر المعرفة بحقائق قضيتنا الوطنية، وكذا اكتساب المهارات وتقاسم التجارب مع أفراد الجالية المشاركين في مختلف أنشطة الملتقى، دعماً لتسلّحهم بالمعرفة اللازمة وبالوسائل التنفيذية لبلوغ ترافع فعّال وذي جدوى.
وأشار مدير مركز أنباء إكسبريس للدراسات والأبحاث إلى أن النزاع قد انتهى عملياً، وأصبح التركيز موجهاً بشكل كبير نحو دعم جهود التنمية في أقاليمنا الجنوبية، وتعزيز حضورها الإقليمي والدولي لجعلها جسراً للتواصل مع العمق الإفريقي، وبوابة لولوج القارة الأوروبية والأمريكية، بفضل الاستثمارات الكبرى في الطرق والموانئ والمطارات، وتحسين شروط الحياة، وضمان الولوج إلى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتسجيل معدلات عالية في ما يتعلق بالتمتع بالحق في الصحة والتعليم والسكن اللائق والخدمات المرافقة، وكذا الأمن والاستقرار.
من جانبه، سلّط الأستاذ عبد الوهاب الكاين الضوء على عمل المجتمع المدني في الأقاليم الجنوبية وباقي مناطق المملكة، بخصوص الترافع الدولي عن مغربية الصحراء، وجهود التحالف الذي يمثّله في دحض الصور النمطية المنتشرة حول مغربية الصحراء وعدالتها وشرعية تمثيل الصحراويين، وغيرها من القضايا المتفرعة عن النزاع المفتعل، والتي غالباً ما يلجأ لها الخصوم للانتقاص من جهود المغرب في إحلال السلم بالمنطقة، ومساعيه لبسط سيادته على أراضيه.
غير أن المتحدث أشار إلى أن دور مكونات الفضاء المدني المغربي ببلدان الاستقبال في المهجر يُعدّ أساسياً لدعم جهود الدبلوماسية المغربية الرصينة، وسعيها لتنزيل التوجيهات الملكية السامية نحو سلوك دفاعي قوي وصلب عن المصالح العليا للمغرب، وفقاً للتشريعات الوطنية ومقتضيات القانون الدولي، وثوابت المملكة المتجذرة عبر التاريخ، وتقاليدها العريقة في التصدي للخصوم، وسياسة اليد الممدودة لفض النزاعات والمشاكل العالقة بطرق سلمية، سَيرًا على نهج جلالة الملك محمد السادس القائم على الحكمة والتبصر.
وفي السياق ذاته، أشار الباحث في العلوم السياسية السيد عمر أوبلا إلى أن القبائل الصحراوية لا يمكن فصلها عن ماضي وحاضر ومستقبل المملكة المغربية، نظراً لدورها المحوري في تشكيل ملاحم جسدت الهوية الوطنية المغربية الغنية في تعدديتها، والثرية في تنوع مشاربها وخلفياتها الثقافية، الخادمة للوحدة والتكامل، والمدافعة دوماً عن السلامة الإقليمية للوطن، وأولوية استكمال وحدته الترابية أمام خيارات أخرى.
وأضاف أن نزاع الصحراء المفتعل هو صراع موروث عن الاستعمار الإسباني، الذي لم ينجح في استلاب الهوية الثقافية المغربية من أفئدة الصحراويين، ولم يُنقص من تعلقهم بالعرش العلوي الموسوم باستمرار البيعة وتوارثها جيلاً عن جيل، ناهيك عن انخراطهم في بناء الحاضر والمستقبل المغربي، سواء في مسار الانتقال الديمقراطي، أو في إنجاح مختلف الاستحقاقات الوطنية، وبرامج التنمية.