برج شباط أين هو؟
مقدمات..
عبد النبي الشراط.
ذات مساء من مساءات شهر مارس لهذا العام 2022، كنت رفقة صديقي عزيز سويطط المحامي بهيئة فاس، نتجول في سيارته عبر أطراف مدينة فاس.
عزيز مغرم باكتشاف الطرقات والمسالك الجديدة، ففي مرة أخرى وجدنا أنفسنا على اطراف مدينة صفرو، وإذا بعزيز يكتشف طريق جديدة فتحت للتو، لكن لا يعرف أين يصل منتهاها.. فقرر دون استشارتنا (أنا وصديق ٱخر كان برفقتنا) أن يسلك الطريق الجديدة..
فقطع بنا غابات ومنعرجات تخللتها طبيعة رهيبة جدا.. حتى وجدنا أنفسنا على مشارف مدينة أيموزار كندار وتحدبدا منطقة (سيدي بلخيار) علما أن بداية الرحلة رافقت وقت الغروب ولم تنتهي إلا بعد العاشرة ليلا.. حيث عدنا لمدينة صفرو بدعوة من الصديق عبد السلام خرباش..
في هذا المساء شبه الربيعي كان عزيز يكتشف طرقا ومعارج ومنعرجات أخرى بمنطقة أولاد الطيب المجاورة لمدينة فاس، وقد أخذنا الحديث من هنا إلى هناك وهنالك فتذكر عزيز (قصة برج شباط) الشهير الذي كان الأخير بناه من ميزانية جماعة فاس خلال ولايته الثانية لعموديتها.
وبما أن حميد شباط كان قد فشل في بناء (بحر اصطناعي بمدينة فاس) وكلف ذلك ملايير السنتيمات لإنجاز الدراسات اللازمة وغيرها، دون أن ينجز لأهل فاس شاطئا.. فقد قرر أن يبني لهم برجا جامدا.. نقل شكله وهندسته من برج (إيفيل الفرنسي الشهير) فقامت ضده قيامة فبات البرج شامخا بمدخل مدينة فاس ولكن في صباح الغد اختفى هذا البرج نهائيا وكأن الأرض ابتلعته أو السماء رفعته! فأصبح الناس يتهامسون ويتسألون.. أين اختفى البرج؟
وشاعت شائعات عديدة حول حول هذا الموضوع الشباطي المثير والمشوق جدا..
حدثت مستجدات.. وغاب شباط عن المشهد لمدة تحاوزت عامين، قضاها خارج البلاد.. ثم عاد بعد ظاهرة كورونا ليبدأ مغامراته الجديدة بالمغرب وتحديدا مدينة فاس التي يعشقها ولا شك..
تذكر عزيز شباط.. ثم خطر على باله موضوع البرج، فأسر لي أنه رأى هذا البرج في مكان ما.. خارج دائرة فاس.. فبادرته قائلا: لا أعتقد ذلك لأنه لا يمكن نقل (البرج) الذي أنجز بميزانية المال العام إلى منطقة لا تتبع للدولة…
وحيث يعرفني عزيز أنني أدقق في مثل هذه المعطيات على اعتبار أنه عاش معي سنوات صعبة جلها كانت ساحاتها المحاكم حينما كانت جريدة الوطن تقاوم العبث بمدينة فاس وغيرها من مدن الوطن، وكان عزيز رفيقي في هذه المحاكم والمحاكمات منذ أن كان (محاميا متدربا) وهو يعرف أنني لا أعتمد على الأخبار والمعطيات والمعلومات المنقولة شفهيا..
قرر (بمفرده) أن يجعلني أرى (البرج) وفجأة أدار مقواد سيارته إلى وجهة أخرى .. لم أساله أين الاتجاه.. خاصة ونحن كنا في نزهة مسائية — لا شيء وراءنا– وبعد أقل من نصف ساعة توقف قائلا: هاهو البرج سي عبد النبي..
حقيقة ذهلت .. نحن أمام بناية ضخمة جدا مساحتها أربع هكتارات محاطة بسور من كل جنباتها وبداخل هذه المساحة الرهيبة بناية كبيرة جدا.. تشبه قصر مؤتمرات..
ياإلهي. ما هذا؟
طلبت منه أن يقترب أكثر نحو هذه البناية الأسطورية، حاولنا أن نبحث عن من يعطينا معلومات. ففشلنا لأن المارين من هناك قليلون جدا إذ تقع البناية في منطقة بدوية تحيطها الضيعات والمزارع والأشجار.. وكل ما اقترب منا شخص نتوجه لسؤاله.. لكن لا أحد يعرف التفاصيل.. أغلب من سألناهم يخبروننا أنهم ليسو من ابناء المنطقة..
التقطنا الكثير من الصور بهواتفنا.. لكن لا أحد يظهر داخل البناية ولا خارجها، فقررنا العودة فارغي الوفاض. لكن حب معرفة الأسرار جعلنا نتريث فطلبت من عزيز أن يقود السيارة على مهل..
وبرجوعنا للبوابة الرئيسية للبناية الضخمة تراءى لنا شاب يترجل من داخل ضيعة مجاورة، فتوقف عزيز من تلقاء نفسه وقال: هذا الشخص لا شك أنه حارس هذه المزرعة المجاورة، وهو من سيقدم لنا معلومات..
سألنا الشاب الذي لم يتردد في مرافقتنا لباب البناية الرئيسية فضغط على جرس بابها الحديدي الضخم فإذا به يفتح.. بسرعة.. بزر يبعد عن الباب بمسافة تقدر بعشرات الأمتار..
كانت المفاجأة…
(يتبع)