مشروع رؤية.. كانت فكرة وأضحت حقيقة على الأرض
ربيع الإدريسي*/كرونو نيوز
سياقات التأسيس:
حينما أطلق الكاتب الصحفي المغربي عبد النبي الشراط نداءه للتاريخ شهر يوليو/ تموز سنة 2017، لم يكن يعتقد أن مشروعه الجمعوي سوف يتمدد إلى مناطق ومدن مغربية أخرى، ناهيك عن امتداد المشروع إلى خارج أرض الوطن.
(نداء للتاريخ) هو العنوان الذي كتب تحته الشراط كلمات قصيرة وبسيطة دعا عبرها كافة الأطر والمثقفين المنحدرين من دائرة غفساي(١) إلى التكتل في مجموعة أو إطار ثقافي خاص يكون هدفه الأساس المساهمة في تنمية منطقة مهمشة، لم تعرف التنمية سبيلا إليها على الإطلاق.
نداء للتاريخ كان صرخة وجهها الصحفي الشراط إلى ابناء بلدته وارتكز نداءه هذا إلى عدة مقالات صحفية كان نشرها بعدد من الصحف المغربية كانت كلها عبارة عن صرخات موجهة للمسئولين كي يهتموا قليلا بمنطقة مسقط رأسه، لكن كل صرخاته للمسئولين ذهبت سدى..
وفي ندائه التاريخي إستثنى الشراط الأحزاب السياسية التي يعتبرها شريكة للدولة في استمرار التهميش بمنطقة جبالة التي ينحدر منها، وخص نداءه بدعوة الأطر الذين ينحدرون من منطقته للتكتل في مشروع ثقافي وحضاري يعيد للمنطقة وهجها التاريخي ومجدها الثقافي الغابر، وقد لقي نداءه إستجابة واسعة من طرف الكثيرين…
وبدأت الإجراءات لتأسيس هذا الإطار الموعود، لكن مع الأسف الشديد طغت التوجهات السياسية والأيديولوجيات المتعددة على أغلب توجهات هؤلاء فبدأ الشراط معركة أخرى مع بعض (المثقفين) والسياسيين، بعد أن خاض معركة طويلة وشرسة مع سلطات إقليم تاونات التي كانت رفضت منحه ترخيص جمعية رؤية، لكنه لم يكل ولم يمل، بل تابع معركته القانونية النظيفة بهدوء وتمكن من الحصول على اعتراف السلطة بمشروعه الذي يقول أنه نذر ما تبقى من حياته للعمل داخل هذا الإطار من أجل خدمة منطقته ووطنه.
وفي سنة 2019 تم تجدبد المكتب التنفيذي لرؤية(بعد أن تعذر الاستمرار بمعية المكتب المؤسس) وتم الإبقاء على الشراط رئيسا بالإجماع بالرغم من معارضته هو كي يفسح المجال لشخص ٱخر لقيادة الجمعية، وأمام إصرار المؤتمرين قبل البقاء.
وفي هذه المحطة تم تغيير قانون الجمعية لتصبح وطنية وذات الامتداد الدولي أيضا، وتم انتخاب مكتب يضم أطر من مختلف أنحاء المغرب، وعلى هذا الأساس فإذا كان بعض أبناء بلدته لم يستجيبوا لنداءاته المتكررة من أجل الإصلاح والإنقاذ فهاهو الشراط يجد استجابة من طرف أصدقائه عبر امتداد التراب الوطني، بل عبر أنحاء الوطن العربي الكبير، فهناك مثقفون وديبلوماسيون وأطر يؤمنون بكفاءة الشراط وقدرته على التحدي وقد ثبت ذلك من خلال الكثير من المحطات التي رفع فيها التحدي وهو لا يملك إلا الإيمان بعدالة قضيته الرئيسية: تنمية البادية التي يقول عنها بأنها أي البادية (أعطت كل شيء وحرمت من كل شيء) وإذا كان له هذا الامتداد فإنما يرجع ذلك إلى خبرته وتجربته الطويلة في محال الإعلام وفي مجالات أخرى متعددة لا يتسع المجال لذكرها هنا، والمثقفون حين يساندونه فإنما يساندون الفكرة بالدرجة الأولى ولا يساندون الشخص، لأن الشخص يرحل والفكرة تبقى للأجيال.
في يوم الأحد 28 مارس 2021 تم تفعيل هذا الامتداد، فكان أول فرع للجمعية يؤسس بالعاصمة المغربية الرباط..(مدينة الأنوار) وقد ضم المكتب إلى جانب بعض المنتسبين لإقليم تاونات أطر وقيادات ثقافية وجمعوية من العاصمة ليصبح أول فرع يؤسس خارج تراب إقليم تاونات، وهناك مبادرات في الطريق لتأسيس فروع في مدن أخرى..
مشروع رؤية ينطلق من فلسفة خاصة تعطي الأولية لخدمة البادية المغربية بالأساس، لأن المدن تعج بالجمعيات والمنظمات التي تحصر أنشطتها داخل المدن، أما رؤية فهي وإن توفرت على فروع داخل المدن فإن هدفها هو خدمة البادية المحيطة بهذه المدن.
وتتميز جمعية رؤية كونها ليست جمعية تهتم بالثقافة والفن والمسرح والتنمية وحسب، بل هي أيضا جمعية من مهامها الاهتمام بقضايا المواطنين وشؤونهم لذلك فهي جمعية تنموية وحقوقية في نفس الوقت.. ولعل هذا بعض ما يميزها عن الجمعيات الأخرى.
كما تطمح رؤية إلى الامتداد خارج التراب الوطني.
خلال تأسيس فرع الرباط لجمعية رؤية شرفني المكتب التنفيذي وأعضاء رؤية بترشيحي لمهمة رئيس هذه الفرع حيث عملت طيلة مدة التحضير للتأسيس بمعية لجنة تحضيرية أشرفت معي على كافة التحضيرات وتكونت هذه اللجنة بالإضافة لشخصي المتواضع من الأستاذة وفاء التويول والأستاذة نادية مرشد، وقد حضر الجمع التأسيسي جمع من المنخرطين والضيوف الذي أثثوا بحضورهم جمعنا المبارك وتم انتخاب المكتب بشكل ديموقراطي وأخوي أسفر عن النتيجة التالية:
ربيع الإدريسي/ نادية مرشد/ محمد. بلغازي/ أحمد حو/ وفاء التويول/ فريد مكوار/ فاطمة الحمياني/ عماد خدام.
ونطمح إلى المزيد إن شاء الله.
وقريبا سنعلن عن برنامجنا الذي لا ينفصل عن البرنامج العام للجمعية الام رؤية للتنمية الثقافية والحضارية.
(*) رئيس فرع جمعية رؤية بالرباط
كاتب متخصص في التنمية الذاتية دولي في العلاقات والديبلوماسية الدولية.
(١) غفساي/ دائرة إدارية تتبع لإقليم تاونات شمال المغرب.
الرباط 29 مارس 2021