مقالات الرأي

النساء و الورد و أشياء أخرى

عثمان ناجي /كرونو نيوز

أعرف جيدا أن ذكرى الثامن من مارس تؤرخ أولا لحادث بطولي ،واجهت فيه نساء بريئات ،لا ذنب لهن سوى انهن حاولن انتزاع بعض الحقوق،شرطة ذكورية غاضبة منهن و مدججة بكل سلاح القمع لردع المتظاهرات و اقناعهن انهن مجرد “نساء” ،
لا غير .


هو ليس عيدا يعيد انتصارا ما،بقدر ما هو جرس تذكير بحالة شاذة استمرت منذ قرون.


تظل النساء مستعبدات و خاضعات لهيمنة العقلية الذكورية المتحكمة.
في 8 مارس 1908،حملت آلاف عاملات النسيج الامريكيات قطعاً من الخبز اليابس وباقات من الورود و خرجن الى شوارع نيويورك للتظاهر.

اخترن لمسيرتهن الاحتجاجية شعار “خبز و ورود”. في السنة الموالية بدأ الاحتفال بالثامن من مارس كيوم المرأة الأمريكية تخليداً لخروج مظاهرات نيويورك .


ثم اصبح هذا اليوم عنوانا كونيا للمطالبة بإنصاف النساء.
أقر أن من تسلمن وردة بمناسبة عيد المرأة،كان من حقهن ان يطالبن بكسرة خبز.


بل إن كسرة الخبز أهم بكثير من الوردة.
تقبع آلاف النساء داخل سجن بقضبان و أبواب خفية إسمه الزواج.وراء الأبواب و النوافذ الموصدة،يتناولن خبزا مرا بطعم الاهانة و العبودية.


على خبز النساء أن يكون حلوا و طيبا،منسما بحرية التصرف و معطرا بحق اختيار حياتهن.


تحرير النساء يمر عبر عمليات كنس و تنظيف كبيرة داخل التفكير الجماعي، و داخل الفضاء العام.


لم تخلق المرأة لتكون هدية للرجل،و خادمة له.من يحلم بنساء تحت تصرفه بلا قيد او شرط عليه ان ينتظر الجنة الموعودة ،و حورها العين.اما داخل مجتمع منصف،فمن حق المرأة أن تكون شريكا و رفيقا،لا سلعة للبيع.


ليس من اللائق أن نسلم الورد لبعض النساء،و نسلم اخريات لا زلن طفلات قاصرات للنهش الوحشي الذي يتدرع بمسمى الزواج الشرعي.


رغم كل مظاهر الحداثة،لم نتجاوز بكثير مقولة الخرجتان الشهيرة:خرجة لبيت الزوج،و خرجة للمقبرة.
ليس صدفة إذن،أن يستمر الفضاء العام ملكا للرجال،بموجب عرف خفي و قانون غير مكتوب.


يستوطن الرجال المقاهي و الملاعب الرياضية المفتوحة و جنبات الشوارع،بينما لا زال خروج المرأة لوحدها محفوفا بهواجس التحرش و التضييق من طرف الرجال.
النساء يردن وردا و خبزا و حرية و كرامة.


ليس صدفة أيضا،أن يصرح رئيس حكومة داخل البرلمان المغربي أن النساءثريات،يجب أن يزين البيوت،فالردة في انفتاح المجتمع و قبوله بنسائه،بوجوههن السافرة و كل اشياءهن الأنثوية الأخرى كجزء عادي و طبيعي من المجتمع،يعكسها إنتشار اللباس القرسطوي ،الحجاب او النقاب او ما شئت، الذي يصاحب الفكر الوهابي المتحجر،و الذي ينهق به شيوخ الفضائيات ليل نهار في محاولات لا تنتهي لاستعباد النساء مرة أخرى.


حين يهدي الرجال لنساء العالم الورد ، على الورد أن يكون عربونا لتغيير تفكير الرجال و نظرتهم للنساء،لا عنوانا جديدا للتحكم و الهيمنة.


“أغلب الشر في العالم ليس نتيجة النوايا الخبيثة بقدر ما هو نتيجة انعدام التفكير.” حنة آرنت ،فيلسوفة ألمانية(1906-1975)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock