مأساة طنجة العالية. من المسؤول؟
كتب/ عبد النبي الشراط
سؤال يتردد كثيرا في مواقع التواصل الاجتماعي ومواقع النت ووسائل إعلام محلية وعربية متعددة..
من المسؤول عن فاجعة طنجة العالية؟
منذ سنوات تتبعنا إنجاز أضخم مشروع وطني تمثل في (ميناء طنجة المتوسط) وقد أشرف عليه جلالة الملك بنفسه، وأصبحت طنجة فعلا تستحق لقب عروس الدنيا وليس (عروس الشمال فقط) وتلى ذلك إصلاحات كثيرة رآها الناس بأعينهم ولا مجال لإنكار مجهود الدولة بهذا الاتجاه، يجب ألا نكون عدميين ونتبارى في نقل السوء والنقائص فقط.
طنجة العالية تستحق كل الإنجازات التي عرفتها وأهلها ناس كرام ومتحضرون، حتى أنها المدينة الوحيدة في المغرب التي يعطي فيها السائق أسبقية للراجل وإن كان هذا الراجل على خطأ…
طنجة العالية تستحق أن يتباهى المغاربة بالإنجازات الحضارية والعمرانية التي تحققت بها، ليس لأنها معبر أو نافذة قريبة من أوروبا، ولكن لأن تاريخها النضالي والسياسي والفكري والإعلامي يؤهلها لكل ما تحقق فيها، وتستحق المزيد…
غير أن غصة ما مسحت كل تلك الإنجازات الكبيرة والعظيمة، فاجعة ذهب ضحيتها أبرياء هاجمهم الماء من الأعلى فاستسلموا لقدرهم، وشاع الحزن بين أهاليهم، وانقبضت نفوس جميع المغاربة حزنا وألما على ما جرى..
من المسؤول؟
الحادث الذي جرى بطنجة يقع مثله وأكثر في جل دول العالم حتى الدول الأكثر تقدما بهذا العالم تتعرض لأعاصير وأمطار طوفانية قد لا تبقي ولا تذر أحيانا، لكنني أجد هنا إختلافا كثيرا بين ما قد يقع عندهم وما حدث أو يحدث عندنا.
فحسب الصور والفيديوهات التي وصلتنا من عين المكان تظهر بما لا يدع مجالا للنقاش أن(المصنع) موجود في حي سكني راق ولا تتوفر لدينا معلومات لحد الآن هل المصنع قانوني ومرخص له أم لا فذاك ما ستثبته التحقيقات التي نرجو أن يسترعي المشرفون عليها أرواح الضحايا قبل كل شيء وأن يسير التحقيق في طريقه الصحيح، وأن تصدر العدالة أحكامها بحق كل المخالفين طبقا للقانون.
لكن سواء كان (المصنع) مرخص له أم لا فالأمر سيان.
- إذا كانت السلطات المعنية بالاستثمار رخصت لصاحب/ أصحاب المصنع فإنها تكون قد ارتكبت مخالفات واضحة في ترخيصها ل(مصنع) تحت الأرض وفي حي سكني يمنع القانون مثل هذه الأنشطة في مناطق معدة للسكن.
- إذا لم يكن (المصنع مرخص) فكيف يحصل على عدادات كهربائية تتعدى قوتها 300 وات كهربائي؟
المصيبة هنا مصيبتان وتشترك فيها أطراف متعددة. - المجلس البلدي.
- السلطات المحلية و الولائية.
- مندوبية وزارة التشغيل والمركز الجهوي للاستثمار
- الوقاية المدنية، وربما جهات أخرى قد تكون طرفا في المسئولية.
ولأن الجريمة كبيرة فيجب أن يحاكم فيها الكبار أيضا..
وأنا كمواطن لا يسعى إلا لتحقيق العدالة في المجتمع والدولة، فإنني أحمل المسؤولية لكل من:- وزير الداخلية وجميع معاونيه في طنجة (من الوالي إلى المقدم).
- رئيس المجلس البلدي وأعضاء المجلس والموظفون المكلفون بالتعمير.
وزير التشغيل.
ثم تأتي المسؤولية أخيرا على صاحب/ أصحاب المصنع..
وأنا لا أطالب فقط باستقالة هؤلاء المسئولين والموظفين من مهامهم (لأن هذا يجب أن يحصل لو كانوا مسؤولين فعلا) لكنني أطالب بمحاكمتهم أجمعين بتهمة القتل العمد والتسبب في إزهاق أرواح بريئة، لا حول لها ولا قوة، لأنهم جميعا مسئولون عن هذه الجريمة النكراء بطريقة أو بأخرى.
ولا أشك في أن جلالة الملك حفظه الله سيتابع بنفسه مسار التحقيقات التي يجب أن يقوم بها فريق من المحققين الأكفاء من خارج منطقة طنجة العالية.
وفي ختام هذا الكلام أود أن أتقدم بالتعازي الحارة لأهل الضحايا، وأن يرحمهم الله برحمته، و(إنا لله وإنا إليه راجعون)
الرباط تاسع فبراير 2021