مقالات الرأي

استقالات جديدة تضرب حزب “العدالة والتنمية” هل سيكون لها تاثير على حظوظه في انتخابات 2021؟

د. عادل بن الحبيب

يقف حزب “العدالة والتنمية”، قائد الائتلاف الحكومي الحالي في المغرب، اليوم، على أعتاب مرحلة جديدة قد تدفع في اتجاه إعادة النظر في مرجعيته، وتؤثر على شعبيته وحظوظه في الاستحقاقات الانتخابية المقررة صيف 2021، وسط مخاوف من تصدع داخله.


و قد وجهت النائبة البرلمانية والقيادية بحزب العدالة والتنمية, أمينة ماء العينين، انتقادات لاذعة الى قيادة الحزب، مشيرة الى أن بعض الأشخاص بحزب “المصباح”، راقتهم مناصبهم الحكومية و التدبيرية، قائلة “عندنا جزء من الناس استحلوا المواقع لي هما فيها، ونحن لسنا حزب ملائكة”.


وأكدت ماء العينين، لدى حلولها على برنامج “مع الرمضاني” على القناة الثانية دوزيم مساء الأحد 3 يناير2021 ، أن الحزب يعيش أزمة داخلية على المستوى النظري والفكري، والممارسة السياسية ، مشيرة الى أن هؤلاء الأشخاص اعتادوا على الجلوس فوق الكراسي، ويعتبرون أن الهدف هو الحفاظ على تلك المناصب.


الخلافات الحادة داخل حزب العدالة والتنمية ليست مجرد مناوشات أو إشاعات يمكن السيطرة عليها بحوار داخلي، كما أكدت ذلك قيادات الحزب، بل هي تراكم كبير من الأخطاء التي اعترت طريقة تدبير الشأن الداخلي والتي خلقت توترات كانت نتيجتها الإعلان كل مرة عن استقالات جديدة من هياكل الحزب.


وفي هذا السياق أعلنت اعتماد الزاهيدي، القيادية في حزب العدالة والتنمية، والبرلمانية السابقة، استقالتها من المجلس الوطني للحزب، تمهيدا لمغادرة الحزب بشكل نهائي، مبررة قرارها بأنه احتجاج على ما وصفته بـ”تقاعس هيئات الحزب في التفاعل بشكل عملي مع الأزمة السياسية والتنظيمية التي يعيشها منذ سنوات، والتي زاغت به عن أهدافه التي تأسس عليها”.

يسرى الميموني هي أيضا تستقيل من الحزب وتكتب وداعا_البيجيدي, حيث أكدت الميموني عن وجود انشقاق وانقسام داخل الحزب إلى تيارين، أثر على أداء الحكومة الحالية، وأضافت “لم نعد نعرف هل هو حزب أفراد أم مؤسسات، حينما يصبح المناضل أسيرا لأسئلة المواطن وإجاباته أيضا، إضافة أن المشروع الذي كان ينص على الوضوح والشفافية يعانقه الآن كوكطيل من الضبابية والغموض”، وتساءلت “كيف لحزب لم يصلح بيته الداخلي أن يقوم بالإصلاح الخارجي؟ كأن بعض أفراده في حلبة ملاكمة، تسعى إلى تصفية حسابات شخصية وسياسية”.

و قال يونس بنسليمان نائب عمدة مدينة مراكش ، والنائب البرلماني عن الحزب بمراكش المدينة ” لن أستمر مع حزب العدالة والتنمية وانتمائي لهذا الحزب مسألة وقت فقط على اعتبار أن القانون يمنعني من ذلك و سأعلن عن التنظيم السياسي الذي التحقت به مستقبلا. ”
وأرجع بنسليمان سبب موقفه هذا إلى تغير الأفكار والرؤى والقناعات بعد 20 سنة من العمل والاشتغال داخل حزب البجيدي، مضيفا أنه حينما تصبح الضبابية هي التي تطبع تواجدك داخل تنظيم سياسي ما لابد من تغيير الأجواء وبالتالي الرحيل.


واستقال أيضا عبد الرزاق احلوش رئيس جماعة السويهلة و محمد الجموسي، أحد مستشاري الحزب البارزين بجماعة فاس.كما التحق بكوكبة المستقيلين محمد ادبركة، مستشار بمجلس مقاطعة حسان بالرباط، وخالد بنعبود، عضو عامل بحزب العدالة والتنمية, و العديد من مناضلي الحزب بربوع المملكة.


يرى بعض المحللين السياسيين أن هذه الاستقالات سيكون لها تأثير كبير على الحزب و انه يستحيل تصدر “العدالة والتنمية” المشهد السياسي في انتخابات 2021, فالمؤشرات الأولية تقول إن مطلب تعزيز المسار المؤسساتي والديمقراطي يستدعي التخلي عن حزب العدالة والتنمية وهي التوقعات الغالبة التي قد تفرزها صناديق الاقتراع ولن تكون مفاجئة، خصوصا مع كمية الإحباط التي تطغى على الشارع المغربي عقب ولايتين للحزب لم يقدم ولم يؤخر سياسيا واجتماعيا، بل زادت حدة التفاقم بشكل كبير.


فحسب رأيهم حزب العدالة والتنمية فشل في المراحل السابقة، إذ إنه ومنذ توليه رئاسة الحكومة في 2011 أظهر عجزا كبيرا في ترجمة شعاراته الانتخابية على أرض الواقع، كما أنه اتخذ إجراءات لم يسبقه إليها أي حزب ممن تعاقبوا على قيادة الحكومات السابقة، أدت إلى ضرب القدرة الشرائية للطبقات الفقيرة والمتوسطة عبر تحرير أسعار المحروقات ورفع الدعم عن المواد الأكثر استهلاكا، والإجهاز على أهم المكتسبات الاجتماعية ومنها على سبيل المثال لا الحصر: الاقتطاع من رواتب المضربين عن العمل تحت شعار الأجر في مقابل العمل، وحرمان أبناء الشعب من العمل بالوظيفة العمومية، والرفع من سن التقاعد ونسبة المساهمة واحتساب منحة معاش الموظف على أساس متوسط أجور السنوات الثماني الأخيرة…

وهذه كلها حزمة من الإجراءات التي يتحمل الحزب مسؤوليتها والتي ستجعله خارج دائرة الغالبية الحكومية المقبلة.

في حين يرى آخرون أن ما يقع لحزب العدالة والتّنمية في بعض المناطق من انسحاب بعض منتسبيه لن تكون له تأثيرات على مستوى الانتخابات، لأنّ كتلته الانتخابية تصوت على أساس “ديني” وليس على أساس“تدبيريّ ” ونظرا الى شعبيته وقوته في الشارع باعتباره الحزب الأكثر تنظيما حاليا، والأكثر استقرارا من حيث الكتلة الناخبة التقليدية، والتي تقدر ما بين 800 ألف و مليون صوت، وهي نسبة مهمة ما زالت تسمح له بالإبقاء على وزنه القوي في العملية الانتخابية وتحقيق انتصارات، وإن كانت لن ترقى إلى مستوى عامي 2011 أو 2016. فرغم انحسار هذه الشعبية لكنها لم تختف,خاصة في ظل غياب عرض سياسي مغرٍ في ساحة التدافع السياسي، والذي يسمح باستقطاب ناخبين يفترض أن يهجروا حزب العدالة والتنمية.


وترى أن الانسحابات لا تمس الجوهر التنظيمي للحزب، الذي عمقه يتمثل في حركة التوحيد والإصلاح ,فالمغادرين للحزب الإسلامي الذين يلتحقون غالبا بأحزاب أخرى هم ليسوا سوى من المؤلفة قلوبهم سياسيا، ما داموا ليسوا أبناء التوحيد والإصلاح فهم لا يعتبرونهم كاملي الانتماء للعدالة والتنمية .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock