أخبار دوليةسياسة

في ذكرى” المسيرة الكحلاء” يوم طرد الهواري بومدين 350 ألف مغربي من الجزائر

د. عادل بن الحبيب.

في هذا الشهر تحل الذكرى 45 المأساوية والمؤلمة والتي ما زالت جراح عشرات الآلاف من ضحاياها لم تندمل بعد، ذكرى “المسيرة الكحلاء” حين أقدم النظام العسكري الجزائري في 8 دجنبر 1975، يوم عيد الأضحى المبارك،بأمر من الرئيس الراحل الكولونيل الهواري بومدين بطرد حوالي 45 ألف أسرة مغربية تحتضن أكثر من 350 ألف مواطن مغربي، تقطن بشكل قانوني فوق التراب الجزائري، ردا على قيام المغرب في السنة نفسها، شهرا قبل ذلك وبالضبط في 6 نونبر، بالمسيرة الخضراء في اتجاه صحرائه المستعمرة من طرف إسبانيا واسترجاعها.

لم يستحضر النظام الجزائري أواصر الدم ولا القرابة ولا الإسلام والا العروبة والجوار، ولم يتذكر حكام الجزائر أن المغرب وخاصة مدينة وجدة كانت مقرهم إبان الاستعمار وحرب التحرير الجزائرية بوجدة وهم الذين يطلق عليهم “جماعة وجدة” منهم الرئيس الراحل بومدين والرئيس السابق بوتفليقة وزير خارجيته آنذاك، والذين بسبب أنشطتهم الثورية السياسية والعسكرية قصف المستعمر الفرنسي وجدة ملجأ الثوار الجزائريين ومعقلهم.

احتضنتهم مدينة زيري بن عطية المدينة الألفية وبوابة المغرب العربي قلعة الثورة الجزائرية، لكن تحولت هذه المدينة دجنبر 1975 إلى مجموعة من المخيمات استقبلت 45 ألف أسرة مغربية مطرودة ومقهورة ومسلوبة ممتلكاتها ومجردة من ملابسها من طرف النظام الجزائري، تحولت إلى مخيمات المعرض وملعب الركبي والخيريات ومقرات الشبيبة والرياضة بوجدة وأحفير وبركان والناظور وبوعرفة…

لم يستسغ النظام العسكري الجزائري أن يسترد المغرب صحراءه بالطريقة السلمية التي سلكها في ظروف إقليمية ودولية خاصة وكانت له أطماع فيها واتخذها كورقة ضغط للمساومة على الحدود والأراضي المغربية التي حازتها الجزائر خلال الاستعمار الفرنسي، كما كان النظام الجزائري مهووس بالتمسك بالزعامة في المنطقة…

ولم يجد معروفا يرده للمغرب على ما قدمه من تضحيات وشهداء مغاربة للجزائر في سبيل استقلالها إلا تفجير حقده عليه والانتقام من الحلقة الأضعف وهم المغاربة الذين كانوا في حماه وتحت حمايته وواجب عليه صيانه حقوقهم كما يضمنها الإسلام ديننا الحنيف والمواثيق والأعراف الدولية.

اتخذ النظام الجزائري قرار الطرد التعسفي في حقّ المغاربة وتجريدهم من ممتلكاتهم وفصل الزوج عن زوجته والزوجة عن زوجها والأطفال عن أمهاتهم وآبائهم وتشتيت الأسر وأرامل الشهداء المغربة في سبيل استقلال الجزائر وأيتامهم، بسرعة فائقة وتنفيذه بطريقة أسرع.

أخرج المواطنون المغاربة القاطنون فوق التراب الجزائري وهم الذين ضحوا في سبيل تحرير الجزائر و ساهموا في ببنائها، أخرجوا من ديارهم ومنهم من لم يجد حتى فرصه الالتحاق ببيته، ولم يترك لهم الفرصة لتدبير أملاكهم أو أمتعتهم، فتركوا كل شيء وعادوا وكلهم حسرة ضد قرار جائر اتخذ دون أدنى اعتبار، منهم من ترك أبناءه ومنهم من ترك زوجته ومنهم من عاد دون آبائه…

يحكي العديد من المغاربة المطرودين ضحايا الترحيل التعسفي من الجزائر أن قوات الأمن السرية والعلنية والدرك الوطني والعسكر، قامت باقتحام منازل المغاربة تحت جنح الظلام وتكبيل كل من في المنزل واقتيادهم إلى مخافر وشحنهم كالحيوانات فوق شاحنات كانت مخصصة لتلك العملية البغيضة المصنفة في خانة الجرائم النازية والصهيونية ضد الإنسانية، في عز فصل بارد قاس قسوة قلوب جنرالات الجزائر على المغرب، ومن المغاربة من رحل بلباس نومه ومنهم من أخرج عاريا إلا من تبانه ومنهم من…

مأساة حقيقية بطلها نظام هواري بومدين وجريمة ارتكبها النظام الجزائري في حق مغاربة لا ذنب لهم، بتهجيرهم قسريا وتشتيت أواصرهم وسلب ممتلكاتهم، كما تعرضوا لأبشع ممارسات التنكيل عند نقط التفتيش في اتجاه الحدود بشكل مهين ولا إنساني.

آلام وأحزان وجراح غائرة لازمت أغلبية الضحايا طيلة ال45 سنة وتحولت إلى كوابيس تطاردهم كأشباح ليل نهار، ولا زالوا يحكون ذكرياتهم الأليمة في كلّ مناسبة، لكلّ جزائري ولكلّ مغربي، ويلقنونها لأطفالهم، بشتى الطرق وبمختلف الاساليب ولا زالت الاحتجاجات مستمرة ونضالات الجمعيات متواصلة داخل المغرب وخارجه أمام قنصليات وسفارات الدولة الجزائرية والمنظمات والجمعيات الحقوقية الدولية، للجهر بهذه الجريمة والتنديد بها والمطالبة باسترجاع الحقوق وجبر الضرر…

ويحكي الضحايا عن مأساتهم في العديد من الرسائل الموجهة لقادة النظام الجزائري الذي قام تنظيم المسيرة الكحلاء لإظهار حقده وطغيانه ولم يجد من يصب جام جبروته إلا في مغاربة الجزائر حيث تنكر لكل ما قدموه من خدمات للثورة الجزائرية وللدولة الجزائرية وقد ضرب عرض الحائط بكل ما قدمه سكان المغرب والمناطق الشرقية والريف للمجاهدين الجزائريين أيام محنتهم…

سلط زبانيته على المغاربة القاطنين بالجزائر وزج بهم في المعتقلات واستولى على الممتلكات وشتت العائلات مع ما تبع ذلك من إهانة وتعدي على الحقوق الإنسانية والكرامة البشرية ويروي عدد من المطرودين من بينهم يوسفية معمري موظفة بمديرية التعليم بفاس ان عائلتها طردت من منزلها بلباس النوم . ويروي آخرون تفاصيل موجعة عن ما لحقهم من أذى وإذلال من طرف الجزائريين وأنهم تعرضوا لمعاملات سيئة حين طردوا ليلا، وصلت حد الاغتصاب والتجريد من الممتلكات والخروج من الجزائر بما عليهم من ملابس فقط، والتخلي عن الممتلكات والأموال، وكان شرط بقائهم الاعتراف بجبهة البوليساريو و تقديم دعم مالي لها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock