
تاونات: لا لا لا، لتكميم الأفواه.
الرباط/ عبد النبي الشراط.
في كل جماعات دائرة غفساي تشكل فيهن النساء قلة قليلة وسط الذكور، وهن لا يشكلن خطرا على هؤلاء الذكور، إلا بعض الاستثناءات القليلة جدا.
في جماعة الرتبة على سبيل تقف امرأة وحيدة تقاوم العبث داخل الجماعة التي انتخبت فيها من طرف السكان، وصل صراخها إلى السيد الوكيل العام للملك بفاس، وإلى المجلس الأعلى للحسابات بالرباط، عبر أكثر من شكاية، بالإضافة لشكوى أو شكاوى للسيد عامل إقليم تاونات، ومعالي السيد وزير الداخلية، لكن ولا أحد أجابها أو رد على شكاويها، ربما لأنها امرأة، والكثيرون عندنا في المغرب ما زالوا يعتقدون أن “المرأة ناقصة عقل ودين” طبقا لقول محمد بن اسماعيل البخاري الذي ينسب إليه في كتاب “صحيح البخاري”
حينما اشتكت وطالبت بفحص ملفات الجماعة التي تعمل بها مستشارة باسم حزب الاستقلال، الذي بدوره تجاهلها بالمطلق، ولم يهتم لصراخاتها، ربما أيضا لأن هذا الحزب المحافظ ما زال قادته، وخاصة من يمثل هذه القيادة بإقليم تاونات، يؤمنون بأن “المرأة ناقصة عقل ودين” بالرغم من وجود الكثيرات من النساء المناضلات القويات في صفوفه.
“أسماء مويلد” المرأة المستشارة بجماعة الرتبة، قدمت الكثير من الشكاوى للمسؤولين المتعددين، لكنها لم تحضى برد واحد من طرف أي مسؤول… إنها، ربما امرأة فقط.
أسماء لا تكتفي بنضالها من داخل أروقة الجماعة، بل تشارك سكان دائرتها الانتخابية كل همومهم ومشاكلهم، داخل الجماعة وخارجها، وكانت مدرسة المكمل/ مركزية/ إحدى المحطات التي حاولت “أسماء” أن تقاوم بها العبث… فماذا جرى؟
خلال شهر يوليو/ تموز من هذا العام 2024، اكتشفت أن هناك عملية تهريب “متلاشيات” نتجت عن هدم مدرسة دوار المكمل التي أعيد بناؤها، وبطبيعة الحال كانت أسماء إلى جانب الغيورين والغيورات من دائرتها الانتخابية في مقدمة من طالبوا/ طالبن بإعادة بنائها. خاصة وقد أسست هذه المعلمة التعليمية، في خمسينيات القرن الماضي، وتوج نضال أسماء ومن معها باستجابة المندوب الإقليمي للتربية والتعليم بتاونات حيث قام بزيارة للمدرسة، واستجاب لطلب إعادة بنائها، وهو ما تم فعلا، وهو كذلك عمل يحسب للمندوب وللوزارة معا…في هذه المدرسة جرت معركة بين الباطل ممثلا في شخص مدير المدرسة (عن بعد) من جهة، والمقاول الذي رست عليه صفقة البناء، وبين فريق أسماء من جهة ثانية الذي يمثل جانب الحق في هذه المعركة.
لاحظ فريق أسماء أن سيارة من نوع 207، جمعت كل المتلاشيات المنزوعة من البناية المتهالكة، وفي طريقها إلى المجهول بعد أن كانت أسماء اتفقت مع المقاول أن يتم الاحتفاظ بهذه المتلاشيات داخل المدرسة كي يستفيد منها السكان، في إصلاح أمور أخرى، خاصة وأن “المتلاشيات” تضم نوافذ حديدية وأخشاب ما زالت صالحة للاستعمال.
حاولت منع السائق من العبور فرفض، لكنها منعته من السير وأنجزت شريطا مصورا بهاتفها ليكون حجة على محاولة إخفاء المتلاشيات الصالحة للاستعمال مرة أخرى لفائدة الدوار مثل إصلاح سقايات الماء وغيرها.
وبعد مناوشات كلامية بينها وبين السائق، كانت النتيجة نقل المتلاشيات إلى مسجد دوار المكمل بحضور مجموعة من السكان وعون السلطة المحلية.
إلى هنا يبدو أن أسماء وفريقها انتصروا للحق، لكن السيد المدير رأى ذلك ربما إهانة لعظمته ومكانته فقرر تقديم شكوى للدرك، حيث حضرت فرقة من درك غفساي وقامت بزيارة للمسجد حيث عاينت فرقة الدرك كل المتلاشيات وتم تصويرها من قبلهم، حيث لا توجد سرقة من طرف أسماء كما ادعى المدير، وطُلب من المستشارة الجماعية “المتمردة” أن تزور مقر الدرك لأخذ أقوالها في محضر رسمي وقانوني.
وإلى هنا تبدو الأمور عادية أيضا، لكن أسماء كتبت قصاصة (تدوينة) على صفحتها بجدار “فيس بوك” أعلنت فيها أنه تم إحباط عملية سرقة متلاشيات المدرسة، لكن المدير الأعظم ارتأى أنه لا يمكن للأمور أن تمر عليه مر الكرام، ولابد من جرجرة أسماء ومن معها إلى ساحة القضاء بتهمة “التشهير والقذف” وعلى هذا الأساس استمعت قيادة الدرك الملكي بقرية با محمد لأسماء قبل أيام بناء على شكوى المدير (القادم من مكناس لينتقم من سكان جبالة في شخص أسماء ومن معها) وتقرر تقديم المشتكى بهم غدا الإثنين 9 سبتمبر الجاري.
وهكذا يدخل القضاء على خط هذه القضية التي تبدو بسيطة جدا، لكن مدير المدرسة أرادها معركة كبرى، ضد امرأة قالت لا للفساد بدائرتها الانتخابية.
نحن نثق في القضاء المغربي ولا نشك أنه سينصف المظلومين.
وللكلام بقية، في انتظار الآتي.
شخصيا كصحفي وكمواطن، أعلن تضامني مع الآنسة أسماء ومن معها في هذه النازلة، وأعلن إنحيازي لكافة المظلومين والمستضعفين بكل مكان.
الرباط 8 سبتمبر 2024.