
عبد النبي الشراط.
حميد شباط الذي أقام الدنيا، وأقعدته في نهاية المطاف، صال وجال وجمع ثروة وراء الانتخابات والمسؤوليات المتعددة التي تقلدها، بدءا من نائب رئيس الجماعة الحضرية زواغة بفاس ثم رئيسا لها، وبعد ذلك ترأس جماعة فاس بكافة مقاطعاتها (وملحقاتها) وأضحى نجما سياسيا لا يشق له غبار…
كان دائما ينظر إلى الأعلى، ولم ينظر يوما تحت قدميه أبدا..
هذا الكتاب يسلط الضوء على ستة عشرة سنة قضيتها إلى جانبه في البأساء والضراء وحين البأس، ورافقته طيلة هذه السنين أقدم له الخبرة والاستشارة في كل ما تتطلبه مقالب السياسة وتقلبات السياسيين حوله، خاصة أبناء وبنات حزبه “العتيد” إذ منهم من كانوا أشد عداوة له لكن بعد حين أصبحوا يسبحون بحمده و”عظمته” صباح مساء، وتحملت مسؤولية إدارة جريدته بالتفويض”غربال القرويين” لمدة ثمان سنين، وعشت معه كل هزائمه وانتصاراته.
ولعل المعركة الأشرس في حياته كانت مع عائلة الجبيليين الذين كانوا يكيدون له كيدا، فحاولت إزاحتهم من طريقه، لكن في نهاية المطاف وبقدرة التحولات والمصالح …أصبح آل الجبيليين (مناضلين في حزب الاستقلال ومن الممولين الرئيسيين لأنشطة السيد شباط الخاصة والعامة).
خضت لفائدته حربا ضروسا مع الصحفيين وأشباههم، وأزحت من طريقه الكثيرين منهم، خاصة أولئك الذين كانوا يتبعون خطواته وهفواته، ليس من أجل نشر خبر أو مقال يخدم المصلحة العامة، بل من أجل التكسب وراء ما يكتبون وما ينشرون في صحفهم المتعددة الألوان … وبالنتيجة دائما فإن الكثيرين منهم أصبحوا في خدمته وتحت تصرفه مقابل كرمه وسخائه معهم…
لقد رصدت في هذا الكتاب عبر صفحاته ال 222 (من الحجم المتوسط)، إيجابيات الرجل قبل سلبياته، معاناته ومعاناة عائلته وأسرته قبل ممارساته وإخفاقاته… بلا تحامل أو انتقام. ولقد حاولت قدر الإمكان التجرد من الذاتية المطلقة كي أقدم وثيقة سليمة للقراء، كما رصدت أحوال العديد من الصحفيين الذين كانوا لا يرون في “شباط” إلا أنه مجرد “سكليس” لا يتوفر على أي شهادة باستثناء مستواه التعليمي “الرابعة إعدادي” وشهادة في مهنة “الخراطة”.
وبعد حين أصبح هؤلاء الصحفيون يخاطبونه بلقب “الأستاذ” وهي العبارة التي رفضتُ أن أخاطبه بها يوما، فكان ذلك أحد الأسباب التي دفعته ليقلص من علاقته معي، بالإضافة لنصيحتي له سنة 2009، حينما اعتلى عرش نقابة الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، فطلبت منه أن يتوقف هنا وألا يطمح فيما هو أكثر من ذلك، خاصة حين بدأ يفكر في الاستيلاء على حزبه (حزب الاستقلال) حيث أضحى فيما بعد أمينه العام بعد معركة ضارية مع آل الفاسي، الذين كانوا في الماضي يشكلون له عقدة، لكن حينما تقوى رد لهم “المعروف”.
رصدت في الكتاب أيضا ملف جريدة “غربال القرويين” التي كانت سببا في صعوده، فتخلى عنها في آخر لحظة، (من كان يمولها؟ كيف كنت أحصل على مستحقاتي المالية)؟ إلخ…
تعرضت في الكتاب أيضا إلى الكثير من الاختلالات والأسباب التي أطاحت بشباط أو كيف أطاح بنفسه، بسبب غروره واستعلائه وعدم استفادته من الأحداث…
يتعرض الكتاب أيضا إلى بعض الحلقات التي لا علاقة لها بشباط، لكنها قد تكون مرتبطة بطريقة أو أخرى بالأحداث، منها على سبيل المثال: محاولة الاعتداء التي تعرضت لها بسوق أحد غفساي بإقليم تاونات خلال انتخابات سنة 1997، من طرف عصابة من حزب الاستقلال ذاته. وسيجد القارئ بعض الوثائق مرفقة في آخر الكتاب للاستئناس.
ما هو منشور بالكتاب ليس جديدا، بل سبق نشر الكثير من حلقاته على صفحات “الفيس بوك” وبعض الصحف والمواقع، فقط كانت إعادة الصياغة ضرورية وتجميع تلك الكتابات في ملف واحد ليصبح كتابا، أو وثيقة، قد يستفيد منها البعض، وقد يغضب منها البعض الآخر، وفي نهاية المطاف فأنا رصدت ما اعتبرته حقيقة جرت والباقي لا يهم.
قد يغضب أيضا بعض “الصحفيين” مما هو منشور عنهم في الكتاب، وهذا أيضا لا يهمني ما دمت رصدت الحقيقة وكشفت الكثير من الدسائس والمؤامرات، لا لشيء، سوى أن يستفيد هؤلاء.
واختتمت الكتاب بفصول الدعوى القضائية التي رفعتها ضد الصديق حميد شباط وهو في أوج عظمته وسلطته، وكان القضاء محايدا ونزيها في كافة أطوار وفصول تلك الدعوى التي كان الحكم والقرار فيها لصالحي، وبذلك انتهت فصول ارتباطاتي مع السيد شباط.