الرباط: المؤتمر الوطني التاسع للنقابة الوطنية للصحافة المغربية آراء وملاحظات.
يونس غنمات
افتتحت فعاليات المؤتمر التاسع للنقابة الوطنية للصحافة المغربية بالرباط على أن يستأتف أشغاله رسميا بالمركز الدولي للشباب والطفولة ببوزنيقة الجلسة الافتتاحية شهدت حضور مجموعة كبيرة من ممارسات وممارسي مهنة المتاعب وبعض الشخصيات التي تنتمي لمختلف المجالات السياسية والاجتماعية.
حيث تم تكريم الأستاذ المناظل محمد اليازغي أحد الوجوه البارزة والمؤثرة في محطات عديدة من مسارات النقابة الوطنية وهو عمل حميد يحسب للجهة المنظمة لما لهذا الرجل من مكانة سياسية وإعلامية لا يختلف عليها إثنان.
جاء هذا المؤتمر يحمل لافتة “تحصين المهنة والمهنيين” كما قال عبد الله البقالي (الكاتب العام)، هذا الشعار يستدعي السؤال من من يجب تحصين المهنة؟
من خلال كلمته الموشحة بالكوفية قال أن الخطر الذي يهدد هذه المهنة أمران أولهما الذكاء الاصطناعي وثانيهما من ينشطون على مواقع التواصل الإجتماعي. كما تكلم عن ممارسة حرية الفكر والرأي.
ما يهمني هو الشطر الثاني، أما الأول فهو موضوع يحتاج لمؤتمرات وموائد مستقيمة (لا مستديرة)لأنها ترجعنا لنفس النقطة.
كما هو معلوم ومن البديهي أن معظم الكتاب والصحفيين(من يتوفرون على بطاقة الصحافة) يملكون حسابات على مواقع التواصل الإجتماعي ومن خلالها يبثون محتويات مرئية وكتابية ومن خارج المؤسسات التي يشتغلون بها. لماذا؟
هذا السؤال سبق أن طرحته على أحد الكتاب والصحفيين الكبار في مدينة الرباط، لماذا تكتب مقالات ومواد في صفحتك الشخصية بدل نشرها في بعض المؤسسات الإعلامية الكبيرة التي تتهافت على كتابتك؟
للإجابة عن هذا السؤال نجد بعضا منه في معرض حديث السيد عبد الله البقالي خلال إشارته لحرية الرأي والتعبير، هاتان هما مربط الفرس. إذا وجد الصحفي حريته في الكتابة والتعبير عما يجول في خاطره في مؤسسته الإعلامية فلماذا يلجأ لمواقع التواصل الإجتماعي!
الإجابة بسيطة، أهواء الخطوط التحريرية للمؤسسات الإعلامية والتي غالبا ما تكون بعيدة كل البعد عن ما هو مسطر في خطها التحريري؛ بل القانون الوحيد الذي يحكم الكل باستثناء البعض هو الولاء وخدمة أجندات شخصية لبعض رؤساء هاته المؤسسات. أضف إلى ذلك أن الصراع الآن يدور حول الورقي والرقمي، أكيد سينتصر ماهو رقمي في الصحافة لأنه يقدم هامش كبير من الحرية في إبداء الرأي عكس ما يوجد في الصحافة الرقمية والورقية التي لها خطوط حمراء وصفراء…ولنا في التاريخ عبرة، فالثقافة في القرون الماضية كانت تنقل عن طريق الرواية الشفهية، وعندما ظهر الورق كمنصة أو حامل للعلم والأدب والأفكار…ظهرت معارك طاحنة بين الجديد والقديم، بين المجددين وحراس المعبد الذين أحسوا أن بساط السلطة يسحب من تحت أقدام نفوذهم…فكان الانتصار للجديد والتجديد لأنه قانون التاريخ والتاريخ لا يرحم والكلام في هذا الموضوع يطول.
لنعود لفعاليات مؤتمر الصحفيين.
بعجالة فالقطاع الإعلامي يحتاج لإصلاحات كبيرة، هذا الأمر ليس محل خلاف بين مكونات الجسم الصحفي. لنركز على الجانب النقابي الذي يهمنا في هذه المحطة، فخلال الكلمة التي ألقاها السيد حسن عبد الخالق أثار نقطة مهمة، وتتعلق بالمكتسبات الهامة التي تحققت للجسم الصحافي خلال الفترات الأخيرة، هذا الأمر مجانب للصواب بدليل أن جل إن لم نقل أن كل المكاسب والامتيازات التي تم تحقيقها كانت على عهد السيد اليازغي، بل والغريب أن هذه المكتسبات التي تحققت بفضل نضالات الأسرة الصحافية تم التراجع عنها أو فقدانها مثل إلغاء التخفيضات التي كان يحصل عليها الصحفيون في وسائل النقل (الساتيام) ويتم الحديث الآن أن هذا الفقد سيطال التنقل عبر وسيلة القطار.
أما فيما يخص التخفيضات على مستوى المبيت في الفنادق فهو مشروط أن يكون الفندق من تصنيف خمسة أو أربعة نجوم، وهذا ما لا يتسنى للصحفيين الذين يعرف الجميع أن مستواهم المادي لا يسمح بذلك اللهم بعض النقابيين ورؤساء المؤسسات الإعلامية…
وعلاقة بمؤتمر فعاليات الصحفيين في شقه التنظيمي كان هناك حضور وازن لبعض الشخصيات السياسية مثل رؤساء الأحزاب ووزراء حاليين وسابقين، كان الأجدر أن يكون لهم دورا رمزيا على الأقل في تقديم بعض الجوائز للمحتفى به عوض أشخاص لا نعرف أو نسمع عنهم شيء…
هذا غيض من فيض في انتظار ما سيسفر عنه هذا المؤتمر من قيادة لعلها تكون بشارة خير على زملائنا الصحفيين وأن تكون في قلب هذا التطور الذي يعرفه العالم في مجال الرقمي وتحقيق مزيدا من المكتسبات…