مقالات الرأي

ثورة إيران قادة النظام يبحثون عن أرض تأويهم

عبد النبي الشراط
يبدو أن التاريخ بعيد نفسه من جديد في إيران، لكن كيف سينتهي الأمر في نهاية المطاف؟
مثلما حدث في سبعينيات القرن الماضي (1979) يبدو أنه يتكرر الٱن مع فارق وحيد، هو أنه خلال ثورة الإيرانيين الأولى التي قادها رجال دين وعلمانيين وشيوعيين أيضا، وفي نهاية المطاف استولى على الثورة رجال دين فقط حيث تم استبعاد جميع القوى التي شاركت وساهمت في الإطاحة بنظام الشاه مثل (حزب تودة) ومن يتذكر حزب تودة الٱن؟


لقد عمد رجال الدين إلى وصف رفاقهم اليساريين والعلمانيين بأنهم (منافقين) وعملاء الغرب الخ.. مما سهل عليهم مأمورية التخلص منهم دون أن يلتفت الشعب لذلك إذ كان يرى هذا الشعب أن الخميني هو المخلص الوحيد للشعب الإيراني من محنته.. ومع مرور السنوات بدأت الصورة تتوضح لكن رجال الدين كانوا قد أحكموا قبضتهم على البلاد والعباد.


حيث استغل النظام الجديد حماسة الإيرانيين لسماحة الإسلام وعدل الإسلام، لكن الذي اتضح لاحقا وبعد مضي بعض الزمن أن السيد الخميني حول كل شيء في الإسلام واختزله في نظام (ولاية الفقيه) بمعنى أن (الولي الفقيه) رجل سلطة فوق السلطة، وكل شيء يجب أن يمشي بإرادته هو لا إرادة الشعب ولا إرادة بقية المختلفين معه من رجال الدين الشيعة أنفسهم الذين يعارضون نظرية ولاية الفقيه.


أما بقية المخالفين في المعتقد والرأي فقد زج بهم في غياهب السجون وسيق بٱخرين لمنصات الإعدام..
ورويدا رويدا بدأت الأمور تثبت لهؤلاء المعممين والذين لا يلبسون (ربطة العنق) شرع الفقهاء الذين استولوا على كل شيء في إيران فحرموا الناس من الحياة.. مجرد حياة.. كل شيء ممنوع ومرفوض ومجرم بحكم القوانين – الفقهية – الشيعية التي لا تختلف إطلاقا عن القوانين – الفقهية – الوهابية.


بدأ التضييق على الحريات والمعتقدات وكل من لم يخضع لديكتاتورية الفقيه يسجن أو يعدم..


أضف إلى ذلك الحصار الاقتصادي الذي تعرضت له إيران من قبل الدول الكبرى والعالم، والذي أضر كثيرا بالشعب ولم يتضرر منه النظام.. كما أن الحرب العراقية الإيرانية التي استمرت ثمان سنوات خدمت كثيرا فقهاء النظام، وكنا نسمع حينئذ أن تحرير القدس يمر عبر بوابة بغداد والقضاء على نظام حزب البعث (الكافر) في العراق.


وضعت الحرب أوزارها وبقيت القدس تنتظر..
شنق الرئيس العراقي صدام حسين وتم اجتثاث حزب البعث ولم يحرك فقهاء إيران جيوشهم نحو القدس..


يحكمون اليوم العراق بتفويض من أمريكا (الشيطان الأكبر) بل إيران هي التي قدمت الدعم اللوجستيكي لدخول القوات الاستعمارية للعراق واحتلاله بالقوة..


بنت واشنطن أكبر سفارة في العراق..
شيدت واشنطن قواعد عسكرية رهيبة في العراق..
كل هذا على مرأى ومسمع إيران وفقهاءها وعلماءها ورجال الدين فيها..


ما أنجزه حكم الولي الفقيه سواء خلال عهد الخميني أو في عهد خامنئي يتمثل في التضييق على حياة الناس وقمع الحريات بكل أنواعها وأشكالها والوانها، فلا مجال للحياة في إيران.. فجميع المنظمات والأحزاب المعارضة غادر قادتها البلاد، مثل منظمة (مجاهدي خلق) وغيرها..


خلا الجو للفقهاء الذين استغلوا الدين المحمدي الحنيف وحرفوا مقاصده ليخدم أهواءهم الشيطانية..
ماذا يحصل الٱن؟


منذ شهر أكتوبر الماضي تأججت الاحتجاجات التي كانت قد بدأت من قبل بسبب قتل شابة من طرف ما يسمى بشرطة الأخلاق، لأنها كانت ترتدي غطاء الرأس بطريقة لم ترضي هؤلاء القتلة الذين مثلهم مثل الوهابيين أطلقوا على (غطاء) الرأس الخاص بالمرأة (حجاب) والذي لا وجود له في دين محمد..

وهاهي الثورة مشتعلة الٱن ووقودها صدور الشباب العارية، تماما كما حصل خلال الثورة التي أطيحت بالشاه محمد رضا بهلوي، ثورة في الداخل وثورة في الأحواز العربية التي احتلتها إيران سنة 1929، ولم يتبقى لقادة إيران سوى التفكير في ضمان هروبهم والحصول على اللجوء السياسي في إحدى دول الغرب (الكافرة) ومنها سيبدأون من جديد نشاطهم في ممارسة المعارضة.. وتتبادل الأدوار بين من يحكمون الٱن ومن يوجدون خارج البلاد كمنظمة مجاهدي خلق التي شكلت منذ سنوات حكومة منفى بقيادة مريم رجوي، حيث تناضل هذه المنظمة من داخل العاصمة الفرنسية باريس..


لكن من سيحكم إيران في المستقبل القريب؟
هذا السؤال رهين بإجابة القوى المعارضة الٱن في الداخل والخارج، لكننا نخشى أن تسرق ثورة الشعب الإيراني من جديد، وتستبدل حكومة فاشية بأخرى قد تكون أسوأ منها.


لكننا نأمل أن يكون الحكم في إيران مستقبلا، حكم علماني ديموقراطي عادل،، لا أن يستبدل الشر بما هو أشر منه، نريد للشعب الإيراني أن يعيش حياة حرة كريمة، بعيدة عن كل تأدلج ديني أو عقدي أو سياسي حتى، لأن الإيرانيين والإيرانيات يعيشون منذ سنة 1979، في جهنم، وقد ٱن لهذا الشعب أن يتذوق طعم الحياة، بحيث يكون الأساس في هذه الحياة:
لا إكراه في الدين
لا إكراه في اعتناق مذهب معين
لا إكراه في لباس المرأة
لا إكراه في فرض طقوس دبنية أو مذهبية
الحرية يجب أن تكون شعار الثورة القائمة الٱن.
الرباط 8 ديسمبر/ كانون أول 2022.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock