مقالات الرأي

صرخة شباب عاطل…”البطالة تقتلنا”

بقلم د. عادل بن الحبيب.

“بعد أن أنهيت دراستي، وجدت نفسي في الشارع”.
“كيف لا أجد عملا طوال هذه السنوات”.
“لم اعد اقدر على النظر في وجه ابي و امي ،أشعر بالضياع و القهر و اليأس و الاحباط ،ذهبت احلى سنوات عمري في البحث عن فرصة عمل لن تأتي ” .
“انتهى حلمي بإيجاد عمل و فتح بيت و بناء عائلة… اشعر بالاختناق..”.
فعلت كل شئ من أجل إيجاد عمل لكن هناك معايير أخرى غير الكفاءة من أجل الحصول على عمل”.
“أشعر بالدمار وأرى أن أحلامي تتلاشى رغم ما بذلته من مجهودات وتضحيات” .
“ما الفرق بيني وبين شخص لم يدرس في الجامعة دقيقة واحدة؟.. لا شيء”.
“سنين السهر و الدراسة ذهبت ادراج الرياح “.

هذه بعض الجمل التي يرددها شباب فعلوا كل شئ و لم يحصلوا على فرصة عمل بعد.. شباب طرقوا كافة الأبواب سعيا وراء الرزق ولكن أغلقت هذه الأبواب إغلاقا محكما في وجههم. شباب عندما كانوا على مقاعد الدراسة راودتهم أفكار وأحلام عن ما سيفعلانه بعد تخرجهم، وتبخرت هذه الأحلام أمام أول باب عمل أغلق في وجههم.


شباب كانت حياتهم مليئة بالاحلام والتوقعات الايجابية، عن المستقبل الذي سوف يبدأوا في بناءه بعد التخرج، لكنهم اصطدموا بالواقع عندما وجدوا ان سنوات عمرهم تمر وهم مازالوا في اول خطوة.. البحث عن وظيفة.


وتتفاقم معاناتهم مع موقف المجتمع منهم عندما يحملهم المسؤولية ، بعبارات تتردد دائما على مسامعهما وتجرح مشاعرهما، من مثل “انت عالة على المجتمع”، وغيرها من العبارات التي لا ترحم.

يقول سيغموند فرويد إن الإِنسان يحتاج إلى أمرين للسعادة، «الحب والعمل»، ، فمن طبيعة الإِنسان أن يعمل وينتج، فالعاطل عن العمل هو الشخص الأكثر كآبة في المجتمع .


البطالة تعتبر سببا رئيسيا للقلق الاجتماعي الذي ينمي مشاعر الإحباط والاستياء عند الشباب،و تؤدي إلى خلق عدم التوافق النفسي والاجتماعي ، وظهور اضطرابات نفسية، قلق ،خوف، عزلة ، وفقدان الرغبة في الحياة و ظهور أعراض الاكتئاب و عدم السعادة و الرضا والشعور بالعجز وعدم الكفاءة.


كما تشير الدراسات أن هناك علاقة بين البطالة والجريمة، فكلما زادت نسبة البطالة ارتفعت نسبة الجريمة، كما ان هناك علاقة سببية بين البطالة وتدهور الوضع الصحي، فالأشخاص العاطلون عن العمل معرضون اكثر للأمراض النفسية و العضوية بسبب الفراغ والإحباط.

وجود شاب او شابة عاطلة عن العمل في البيت يسبب احباطا كبيرا للاسرة بكاملها، فجميع الاباء يحلمون برؤية اولادهم وبناتهم وقد اكملوا دراساتهم وتخرجوا من الجامعات ليدخلوا مباشرة مجال العمل حتى يحصلوا على الاستقلالية المادية، ويضمنوا عيشا كريما. حينها فقط يشعرون بانهم نجحوا في مهمتهم وأدوا واجبهم على احسن وجه. فوصول الأولاد الى بر الامان يعني شعورهم بالارتياح والرضا والفخر، فضلا عن أن نجاحهم يعني ان تضحياتهم وصبرهم لم تذهب هباء.


لكن مايحصل هو العكس حيث يجد الوالدين أن ابنهم الشاب صدت في وجهه كل الابواب، وكان مصيره البطالة رغم شهادته الجامعية، هذا بالضبط ما أصبح يؤرق بال العديد من الاسر المغربية حتى اضحت مشكلة ومعاناة لا يخلو منها سوى نسبة قليلة من البيوت، يمتد تأثيرها ايضا الى الابناء الآخرين، خصوصا لمن مازالوا في طور الدراسة، حيث يلاحظ ان بعضهم يترك مقاعد الدراسة بعد ان فقدوا الحماس لاكمال تعليمهم عندما رأوا ان الاخت او الاخ الاكبر، الذي كان بمثابة قدوة لهم، لم يحصل على فرصة عمل بعد التخرج.


اكثر ما يخشاه الآباء على ابنائهم اذا لم يجدوا عملا، هو انحرافهم او تفكيرهم في الهجرة الى أوروبا بطريقة غير شرعية.

البطالة في المغرب “قنبلة موقوتة” ومسألة “يجب أن تؤخذ على محمل الجد” إذ أنها تطال أكثر من أربعة من شبان المدن من أصل 10، ولهذا يجب ايجاد الحلول المناسبة لها ، فرغم توفر بعض الفرص إلا ان ذلك لا يتناسب مع الكم الهائل من الشباب الخريجين الطامحين نحو مستقبل أفضل،بسبب فشل النظام التعليمي وعدم تطابقه مع متطلبات سوق الشغل ، و نظرا لغياب سياسة واضحة المعالم للحكومات المتعاقبة لتشغيل الشباب .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock