قصة موسى وفرعون ومن سار على طريقهما.. 3/2

كتب/ عبد النبي الشراط
إستهلال:
في القصص القرٱني عبرة وتذكرة لكل الأجيال، فما جاء القرٱن الكريم ليقرأ دون فهم، ولا يتلى دون تدبر و(إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد)
صدق الله.
لم يكن فرعون يعتقد أن الصبي الذي تربى في بيته أميرا سيعود يوما ليعطيه درسا قويا في التواضع، بالكلام اللين وليبين له أنه ليس هو الإله كما يدعي، بل ليبلغه أن هناك الله الواحد الأحد وما بعده مجرد إدعاءات..
عاش موسى في كنف فرعون سنين وأعوام، لكن حصلت حادثة جعلته يغادر مصر إلى أرض مدين، وهناك سيستقبله النبي شعيب بحفاوة شديدة.
حصلت قصة الهروب حينما أراد موسى أن يدرأ العدوان عن صديقه من طرف شخص معتدي، ولكن دفاع موسى أدى إلى قتل الرجل المعتدي دون قصد (فوكزه موسى فقضى عليه) ثم جاءه رجل من المدينة يسعى محذرا موسى من أن القوم يبحثون عنه ليقتلوه، فما كان من موسى إلا أن غادر البلد باتجاه المجهول، لكنه استقر بأرض مدين وبقية القصة معروفة..
مناسبة هذا الكلام هو ما يتردد في منطقة جماعة تافرانت هذه الأيام من أن قصة موسى وفرعون تتكرر، لكن بطرق وصيغ مختلفة.. لأن موسى أزگورة وفرعونها يتصارعان في منطقة ليس بها بحر ولا نيل، وإنما تحيطها جبال ووديان وقد يكون سد الوحدة أقرب إلى نيل مصر حيث قال فرعون لقومه: أليس لي ملك مصر وهذه الانهار تجري من تحتي أفلا تبصرون؟
فرعون تافرانت إستهان بموسى البسيط معتقدا أنه لن بجرؤا على الخروج على طاعته، وهنا كل شيء يبدو شبيها بقصة موسى وفرعون حتى في التشبيهات والتوصيفات (فاستخف قومه فأطاعوه).
إن الاستخفاف بعقول الناس قد لا يستمر للأبد، وأن من ألف شيئا يجب عليه أن يستعد لفقدانه.
اتذكر بالمناسبة في أوائل تسعينيات القرن الماضي أن شابا تجرأ فأعلن عصيانه للفرعون، فما كان من والده إلا أن طرده من بيته ليلا والسماء تمطر، وعلمت لاحقا أن الشاب المطرود يسر الله أمره بعد هجرته من مملكة فرعون وأصبح أحد أطر وزارة العدل، ولا أتوقع أن الفرعون الٱن يستطيع أن يتطلع ببصره للشاب المطرود.
هكذا كانت الأمور تدار حينئذ، في أوج عظمة فرعون وعنفوانه ومجده..
لكن الطراف إستطاع أن يعلن التمرد والعصيان فاستجاب له نفر من قومه باسم نفس القبلية التي استخدمها الرئيس الحسايني خلال حملته الانتخابية للغرفة الفلاحية.
والحقيقة أن السيد الطاهري لا يعلم أن هذا الحسايني يحفر له قبورا وليس قبر واحد، بالتالي أنا شخصيا لا أفهم سر حب الطاهري للحسايني!
قبل أن يجف حبر الحلقة الأولى من هذه السلسلة كان الحسايني خطط ودبر وفكر ثم قرر أن يملي قراراته على الطاهري في اجتماع بمنزل هذا الأخير بفاس، حضره الكثيرون من هنا وهناك ضمنهم مفتش الحزب بتاونات السيد البوخياري وكان موضوع الاجتماع يدور حول منح تزكية لمن سيترشح في الجهة، وبما أن رئيس بلدية غفساي كان هو المؤهل والأجدر لهذا المنصب، لكن الحسايني القادم لحزب الاستقلال من شتات الأحزاب الأخرى كان قد قرر كل شيء وما على الطاهري المسكين إلا تنفيذه بلا نقاش..
كان هذا الحسايني هو من افتتح الاجتماع بقراره وأمره القائل بأن من يستحق التزكية للجهة يجب أن يكون شخصا ميسورا ومستعد ليدفع.. (نتحفظ على ذكر المبلغ الباهض) الذي قرره رئيس كيسان.. وأن الشخص المقصود باليسر والدفع ما هو إلا طارق لشگر المستشار البسيط بجماعة تيسة، وهكذا يكون الحسايني قد فرض نفسه في غرفة الفلاحة رغما عن الحاج الطاهري ثم فرض عليه أن يزكي لشگر من تيسة، كما تم فرض فاطمة بوبكري على رأس لائحة الجهة، وهي التي اتهموها خلال الانتخابات الماضية أنها باعت صوتها لغير حزب الاستقلال وكانوا يقولون أنهم لن يعيدوا تزكيتها حتى أنها ولمدة كانت تتفاوض مع حزب الأصالة والمعاصرة لتزكيتها على رأس اللائحة لكنهم رفضوها..
وهاهي قد عادت لتحصل على التزكية من جديد وكأن حزب الاستقلال بالمنطقة لا توجد به إلا امرأة واحدة! علما أن هناك الكثيرات ناضلن بجد وكانت إحداهن تستحق هذه الثقة، خاصة تلك السيدة التي طافت الإقليم شرقا وغربا، شمالا وجنوبا وأسست الكثير من فروع منظمة المرأة الاستقلالية، لكنهم تجاهلوها من أجل سواد عيون فاطمة..
مرة أخرى لا أفهم ما هي السلطة أو العصا السحرية التي يملكها الحسايني حتى يفرض كل هذه الشروط المجحفة على الرئيس والبرلماني الحاج الطاهري الذي يبدو أنه بات لعبة بيد رئيس كيسان.
فرض نفسه في الغرفة الفلاحية فخسر الطاهري أقرب أقرباء قومه بداىرته الانتخابية..
فرض عليه تقزيم دور رئيس بلدية غفساي من أجل مستشار بسيط في تيسة..فخسر غفساي بكاملها.. ولا ندري ما ذا سيفرض عليه الحسايني غدا..
كان الله بعون الحاج الطاهري وكما يقال: الحب صعيب، ويقال بالعامية: الربطة زغبية ..
وإلى الحلقة القادمة.
(يتبع) يتبع…
ولا ندري ما سيفرضه عليه غدا