قصة موسى وفرعون ومن سار على طريقهما.. العبرة والفكرة..
فبينهما علاقات مشتركة تصل إلى حد النشاط والسهرات والجمع بين الفتيات (هذا الموضوع سنتطرق له في حلقة خاصة نظرا لأهميته)
كتب/ عبد النبي الشراط3/1
في القصص القرٱني عبرة وتذكرة لكل الأجيال، فما جاء القرٱن الكريم ليقرأ دون فهم، ولا يتلى دون تدبر و(إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد) صدق الله.
ما جرى في جماعة تافرانت بإقليم تاونات على خلفية انتخابات الغرف المهنية لا يمكن أن يمر دون التوقف أمامه، لأن الأحداث لا يمكن أن تستمر دائما كما هي، وأن استمرار الحال من المحال كما يقال.
جماعة تافرانت بمشاكلها ومصائبها وأحزانها واتراحها لا يمكن أن تستمر للأبد. ففي سنة 1992 خضنا معركة سياسية عنيفة جدا من أجل الإطاحة برئيسها ٱنذاك المرحوم المفضل القادري، لكن فوجئنا بعد تنحيته من الرئاسة أن ما قمنا به من مجهودات ذهبت سدى.
(وقد فصلنا الحديث في هذا الموضوع في كتابنا الصادر مؤخرا تحت عنوان : أوراق من ذاكرة متمردة ) لمن يرغب بالاطلاع على تفاصيل معركة 1992 في جماعتي تافرانت وكيسان، لأنه وإن كانت القبيلتين منفصلتين، فإن تاريخا كبيرا يجمع بينهما (قبيلة أولاد قاسم التي تعتبر جزءا من قبائل بني زروال، وقبيلة بني ورياگل المجاورة لبني زروال وتحديدا أولاد قاسم).
بعد تنحية الرئيس القادري توقعنا أن الأمور ستتغير ولكنها لم تغير، إن لم نقل إزدادت سوءا، وتأتي هذه الانتخابات التي ستجري بعد أسبوع من الٱن أو أكثر بقليل ليعلق الكثيرون ٱمالهم عليها، أما أنا شخصيا فلا أتوقع أي تغيير.. حتى لو تغير بعض الأشخاص فإن هناك لوبي خطير يتحكم في كل شيء.
لكن قد تحدث بعض المفاجٱت التي قد تحدث تغييرا شكليا في تركيبة الجماعة التي احتل كرسيها حزب الاستقلال منذ عقدين من الزمن حتى أنهم يسمونها قلعة استقلالية، وسبب ذلك أن المواطنين هناك وضمنهم أغلب الشباب شبه المثقف يتبعون المصالح الذاتية الصرفة فقط، ولا يرغبون أن يصنعوا تاريخا مجيدا لمنطقتهم.
طبعا هناك فئة من الشباب المثقف والواعي يحاول أن يضع قدما له في سلم التاريخ، لكن هذه الفئة مع الأسف ينقصها التأطير وعدم الخبرة والتجربة، بالتالي فقد يستسلمون بدورهم في أول منعطف الطريق.
تفصلنا أيام عن الانتخابات بكافة تفرعاتها، أما الانتخابات المهنية التي جرت يوم 8 أغسطس الجاري فيمكن أن نستخلص منها بعض العبر البسيطة وذلك على خلفية ما جرى خلالها من أحداث وتطورات يمكن القول أنها أحدثت شرخا كبيرا في جسم حزب الاستقلال الذي لم يكن قادته المحليون قد حسبوا لها أي حساب.
بخلاف بسيط بين شخصين تطور الخلاف ليصبح صراعا واقعا داخل قلعة الاستقلاليين الرئيسية (الدائرة رقم 15) حيث فضل الرئيس الطاهري والنائب البرلماني التي تنته ولايته يوم 8 سبتمبر المقبل، فضل دعم مرشح الحزب في الغرفة الفلاحية متخليا عن حليف ٱخر من نفس الحزب الذي كان يطمح في دعم الرئيس الطاهري له، لكن الأخير فضل مرشحه المدلل عبد الإله الحسايني رئيس جماعة كيسان، فيما تجاهل أحد ابناء دائرته محمد الطراف الذي انسلخ من حزب الطاهري ليترشح باسم حزب التجمع الوطني للأحرار ..
كان الأمر في بدايته بالنسبة للرئيس الطاهري مجرد سوء فهم ليس إلا، متوقعا أن تتدخل (الجماعة) فتصلح ذات البين بينهما، لكن كل المحاولات باءت بالفشل وبدا الطراف مصرا على الاختلاف والخلاف وإتمام المشوار فنظم حملة دعائية قال أنها نظيفة فيما حامت شكوك حول الطرف الٱخر، وتحول الأمر إلى صراع قبلي عنصري حيث عمد الرئيس الحسايني إلى زرع نعرة القبلية في صفوف أبناء قبيلته (بني ورياگل) حيث قاد حملة كان شعارها: ولد القبيلة أولا…
وفيما ساهم الطاهري مساهمة فعالة في قيادة حملة لفائدة مرشحه المدلل الذي يمقته سرا ويضحك أمامه جهرا، وجند ما يمكن تجنيده ضد إبن دائرته محمد الطراف الذي يبدو أنه كسر قيدا كان إلى حدود ليلة الاقتراع عصيا على الكسر…
وبعد الإعلان عن النتائج تبين أن الطراف حصد أصواتا مقدرة في معقل دائرة الرئيس الطاهري (مسقط رأس الطراف) حيث حصد 128 صوتا باسم الحمامة مقابل 75 صوت لحساب الميزان الذي يبدو أنه فقد توازنه بالكامل، أما في دائرة تافرانت حيث تعتبر بدورها قلعة استقلالية فقد أكلت الحمامة 262 صوتا مقابل تلقف الميزان 264 صوت (بفارق صوتين فقط لفائدة ميزان الاستقلال).
وإذا كانت النتيجة في نهاية المطاف أعطت الفوز للرئيس الحسايني بناء على تعاطف سكان قبيلته فقط، فإن النتيجة الحقيقية تكمن في دائرتي أزگورة وتافرانت.
وفي قراءة أخرى لها صلة بالقراءة الأولى فإننا نرى أن حزب أخنوش لم يساند مرشحه بشكل مطلق خاصة في دوائر بوبعان ودوائر بني ورياگل، في جماعة الحسايني هناك أربعة مستشارين من حزب الحمامة وما يمثلونه من ثقل في دوائرهم الانتخابية فيبدو أن هؤلاء أنساقوا وراء عاطفة القبيلة ولم يلتزموا حزبيا…
وهناك روايات موثقة تؤكد أن البرلماني المنسحب من العدالة والتنمية والملتحق بالأحرار نور الدين قشيبل كان داعما رئيسيا للحسايني لأن ما يجمع بين الرجلين أكثر من هوية حزبية، وأن ما بينهما من ود يتخطى كل شيء، فبينهما علاقات مشتركة تصل إلى حد النشاط والسهرات والجمع بين الفتيات (هذا الموضوع سنتطرق له في حلقة خاصة نظرا لأهميته) أما الرئيس الأسبق لكيسان عبد الله الحسني المنتمي بدوره للأحرار فيبدو أنه لا دور له في العملية على الإطلاق بالرغم من توقه للعودة لرئاسة كيسان من جديد.
ولو أن قشيبل وحسني ساندا مرشح حزبهما محمد الطراف لكان للقصة حكاية أخرى.
(يتبع)