أخبار إقليمية

غفساي إقليم تاونات: بلد المٱسي والنكبات..

مواطنون يخربون المنشٱت العامة والمسؤولون لا يحركون ساكنا..


كتب/ عبد النبي الشراط


في تسعينيات القرن الماضي كتبت مقالا يتعلق باعتداء مواطن على شرطي في جريدة الوطن، وأثار الموضوع ردات فعل متباينة في أوساط الرباط وسلا حيث جرى الحادث، وبدأت القصة حينما كان رجال الشرطة في مهمة تتعلق بتنظيم ماراطون للدراجات الهوائية عبر مدخل حي السلام بسلا، وبطبيعة الحال كان دور الشرطة يقتصر على إخلاء الطريق من المارة والسيارات، لكن شابا حاول أن يقطع ممر الطريق المغلق باتجاه مقهى، فطلب منه الشرطي أن ينتظر دقائق فقط حتى يمر موكب الدراجات لكن الشاب لم يرقه الأمر وتدخل صديقين له محاولين معاتبة الشرطي لأنه منع رفيقهم من المرور، وبالرغم من محاولات الشرطي المتقدم جزئيا في العمر مخاطبة الشباب بلباقة لكنهم أشبعوه سبا وشتما وحاولوا الاعتداء عليه أمام زملائه الذين تدخلوا لاعتقال الشباب ووضعهم داخل سيارة الشرطة في انتظار تقديمهم للنيابة العامة.


كنت من المنتظرين على جانب الرصيف والقصة طويلة إنتهت بالإفراج عن الشباب لأن والد أحدهم له نفوذ قوي فتدخل بكل ثقله وانتهى الأمر..
طبعا الشرطي وزملاؤه شعروا بالإهانة..


طبعا لا أعرف منهم أحدا.. لكن الواقعة أثارتني فحررت مقالا كان عنوانه فيما أتذكر (بالمقلوب: مواطن يعتدي على شرطي) وحينما نشر المقال شعر رجال الأمن بارتياح وكأن المقال الصغير أعاد لهم إعتبارهم خاصة وأن المجتمع تعود من الصحفيين أن ينقلوا ما يسيء للشرطة وما يخدم المواطن فقط.


رجال الشرطة بدورهم فوجئوا بالموضوع لأنه لا أحد كان يجرؤا على التضامن معهم..


مناسبة هذا الكلام تأتي على خلفية ما يقع في دائرة غفساي هذه الأيام ومنذ سنوات بسبب خروقات كثيرة يقوم بها بعض المواطنين وتتجلى خصوصا في تخريب المنشٱت العامة واستغلالها لمصالحهم الضيقة دون مراعاة لمصالح المواطنين الٱخرين الذين يشكلون السواد الأعظم من السكان.


في منتصف التسعينيات عممت الدولة الكهرباء على أغلبية سكان البوادي، وبطبيعة الحال دواوير دائرة غفساي جزءا منها، وسرعان ما شرعت فئة من السكان في استغلال التيار الكهربائي بشكل غير مشروع، جزء منهم يوصل التيار الكهربائي لبيته بدون إجراءات قانونية ولا أداء الواجبات، وجزء منهم كانوا وما يزالون يعمدون إلى أستغلال الكهرباء في عملية السقي والري علما أن المحولات الكهربائية معدة فقط للاستخدام المنزلي، فكانت هذه المحولات وما زالت تتعرض للانفجار بسبب استغلالها في الري بواسطة استخدام محركات قوية وفي هذه الحالة يقطع التيار الكهربائي عن جميع السكان المرتبطين بهذا المحول أو ذاك..


الٱن.. وبعد معركة طويلة خضناها إلى جانب كل الغيورين على المنطقة من أجل استفادة دواوير البادية من الماء الصالح للشرب وبعد أن تمت الاستجابة لذلك جزئيا عبر إنشاء (سقايات) في بعض الدواوير يأتي دور المخربون من جديد فيعمدون إلى تكسير (محولات) الماء وتحويل المياه إلى حقولهم لأجل الري بينما تبقى الأغلبية من الناس تعاني العطش وهذا أمر غير مقبول بتاتا، لأنه لا يمكن أن تمارس فئة قليلة من الناس سلطتها على الأغلبية المطلقة فتستفيد الأقلية وتحرم الأغلبية..


ومن الواضح أن هذه التصرفات تجري أمام أعين السلطة التي لا تنام أبدا.. لكنها لا تحرك ساكنا أمام هذه العصابات التي تمنع الماء على الناس، لأن السلطة من دورها مراقبة المنشٱت العامة والبحث عن الجهات التي تستغل هذه المنشٱت لصالحها وتحرم بقية الناس منها، خاصة وأن هذه السلطة تتوفر على عيون لها في كل دار وليس في كل دوار وحسب، وبات واجبا على هذه السلطة أن تحرك المساطر القانونية لنعاقبة المخالفين للقانون لأن ما يقومون به يعتبر فسادا في الأرض بكل ما تعنيه كلمة فساد.


كما أنه من واجب إدارة المكتب الوطني للكهرباء والماء إتخاذ إجراءات من شأنها أن تحمي منشٱتها وذلك بتنسيق مع السلطات المحلية في كل جماعة وقيادة على حدة لأنه لا يمكن للحال أن يستمر على هذا المنوال.

وأجدها مناسبة كي أوجه دعوة لكل المشتغلين في حقل المجتمع المدني من جمعيات ومنظمات حقوقية للدفاع عن مصلحة المواطنين المتضررين من ممارسات هذه العصابات التخريبية، لأن هذا النوع من الحراك يدخل في صميم عمل منظمات المجتمع المدني وإلا سيبقى هذا المجتمع المدني حبيس الأنشطة الباهتة التي لا تسمن ولا تغني من شيء. وما وجد المجتمع المدني إلا للترافع عن مصالح المواطنين. وسنلتزم نحن في إطارنا الجمعوي بالمشاركة والمساهمة الفعالة في كل عمل يعيد الاطمئنان للسكان.


منذ أكثر من أسبوع وسكان جماعات تبودة وجماعة سيدي ج امحمد يعانون من انعدام الماء بسبب هذه السلوكات المرفوضة أخلاقيا وإنسانيا والتي تتصدر مشهدها عصابة إجرامية تمنع الناس من نعمة الماء، دون أي فعل سواء من طرف السلطات أو من طرف الجهة المسؤولة عن قطاعي الماء والكهرباء.
فهل تتحرك هذه الجهات للقيام بدورها ؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock