النقل المدرسي بين المجانية والاستغلال السياسوي والتحكم السلطوي لرؤساء الجماعات
المفضل العاطفي
نخصص هذه الحلقة لقضية النقل المدرسي بين المجانية والاستغلال السياسوي والتحكم السلطوي لرؤساء الجماعات.
دائرة غفساي القرية /تاونات
19 دجنبر 2020
في إطار تدعيم التمدرس خاصة في العالم القروي والمناطق النائية وفي إطار تعميم التعليم والقضاء على الهدر المدرسي على الأقل إلى حدود المستوى التاسع أو بلوغ سن 15 سنة ومكافحة الإقصاء الاجتماعي، خلقت الدولة مجموعة من المبادارت منها مشروع تيسير والنقل المدرسي والمطاعم المدرسية والمدارس الجماعاتية والتكوين المهني …
ولا نشك أن هذه الإجراءات خففت من عبء الأسر وساهمت في التشجيع على مواصلة المسيرة الدراسية وخففت من الهدر المدرسي خاصة في صفوف الفتيات والفئات الهشة بصفة عامة.
عندما فكرت الدولة في توفير النقل المدرسي المجاني لتلاميذ العالم القروي ، أدركت أن هناك مشكل قائم فعلا وأن هذا المشكل يجب أن يوجد له حل وإلا أصبح التعليم يختصر فقط على المناطق الحضرية وشبه الحضرية وأن البوادي ستصبح تنتج الأميين وما يترتب عن ذلك من مشاكل اجتماعية وتأثيره على الاقتصاد الوطني والأمن العام.
اذا سلمنا أن النقل المدرسي هبة وطنية وأن خدماته مجانية، وتدبيره على حساب الجماعة الموكول لها بشراكة مع جمعيات التي تتوخى في قوانينها هذه الأهداف ، فهل التزمت الجماعات والجمعيات بشرطي المجانية والحيادية ؟
لا شك أن غياب الحيادية والمساواة في توزيع النقل المدرسي والاستفادة منه تبدأ من الجهة المانحة سواء كان مجلس الجهة أو الإقليم … حيث نلاحظ غياب الشفافية في التوزيع والاستفادة، اذ هناك تفاوت كبير وفضيع في توزيع سيارات النقل المدرسي على الجماعات، ففي الوقت الذي نلاحظ أن بعضها يتوفر على أسطول من الحافلات نجد أن البعض الآخر لا يملك إلا سيارة واحدة أو إثنتين ، وفي هذه الحالة نتساءل بأي منطق يتم توزيع هذه السيارات والحافلات على الجماعات ؟
عن هذا السؤال كنا توصلنا بجواب من رئيس إحدى الجهات المانحة تفيد أن هناك رؤساء جماعات لا يهمهم الشأن التعليمي وليس النقل المدرسي من أولوياتهم وهناك من أعاد السيارات إلى الدولة بعدما عجز عن تدبيرها …؟ فهل هذا عذر مقبول لإقصاء الآلاف من التلاميذ القرويين ؟ فلماذا لم يتم التفكير في إيجاد صيغة أخرى لتدبير هذا المرفق أو يقدم المجلس استقالته لفشله في تدبير ملف يدخل في مجال اختصاصاته؟
بعد الجهة المانحة ننتقل للجماعات المستفيدة من النقل المدرسي والتي كثير من مكاتبها لم يحسنوا تدبير هذا القطاع بل تعاملوا معه بكل شطط لاستغلال السلطة والمنصب ،فاستفاد من استفاد وحرم من حرم ، ابتداء من اختيار السائقين المؤهلين وانتهاء بالمستفيدين من التلاميذ، ناهيك عن غياب المقاربة التشاركية في كيفية تدبير النقل والجهات التي ستسهر عليه ، حيث أن كثير من الجماعات منحت تسيير النقل للجمعيات المقربة منها ، ومنهم من خلق جمعيات في 24 ساعة من الأقارب لمنحها حق تدبير النقل دون غيرها، ومن لم يستطع لذلك تكلف المجلس بتدبير هذا النقل بنفسه دون إشراك أي جمعية وهكذا تحول النقل المدرسي مسألة سياسية وريع انتخابوي
اذا كان النقل المدرسي من ميزاته المجانية ،فلماذا جل الجماعات والجمعيات تخلت عن هذا الشرط واعتمدت المساهمة الملزمة لكل مستفيد متحدية التعليمات والأهداف المتوخاة من النقل المدرسي ؟ ومن يحاسب هؤلاء على هذه التجاوزات ؟
أكثر من ذلك فقد حرم تلاميذ الداخليات من حق الاستفادة من النقل المدرسي بعد حرمانهم من الإيواء بالداخلي بسبب مشكل كوفيد 19 في تحد صارخ للاتفاقية المبرمة بين جمعيات الآباء والإدارة والداخلية ورؤساء الجماعات والذي ينص على التزام رؤساء الجماعات بتوفير النقل المدرسي كتعويض لهم عن حق الإيواء بالداخليات فتخلف رؤساء الجماعة عن التزاماتهم وأصبح التلاميذ بدون داخلي وبدون نقل مدرسي رغم أدائهم الواجبات السنوية للإيواء ، فمن يحاسب هؤلاء على استهتارهم بالقانون الذي وضعته الدولة ؟