سياسة

العزوف السياسي عند الشباب … الأسباب و الحلول .

مقالات الرأي.

عادل بن الحبيب.

إن المشاركة السياسية من أبرز معايير و ثوابت الأنظمة الديمقراطية، وتعد العملية الانتخابية أحد المداخل الرئيسية و القنوات الهامة في ذلك، و هي لاتتاح إلا في ظل نظام ديمقراطي يكفل الحريات و يحقق المساواة و يفسح المجال السياسي امام كافة الفئات الاجتماعية، فهي تعد من أهم الآليات المحققة و المرسخة و الضامنة للمشاركة الفعالة في الحياة السياسية، و المواطن عندنا يترشح او يصوت يكون بذلك ذو سيادة و صانعا القرار في نفس الوقت و بالتالي يصبح دوره وظيفي في المجتمع، لذلك تكتسي الانتخابات مهما كان رهانها أهمية بالغة سواء للفرد او للعملية الديمقراطية.

إلا أنه في الآونة الأخيرة أصبحت ظاهرة العزوف الانتخابي من الظواهر الاجتماعية التي أخذت تتنامى بشكل ملفت للنظر في بلدان العالم بصفة عامة،فنسب مشاركة المواطنين في الاستحقاقات الانتخابية عرفت انخفاض كبير لاسيما لدى الشباب. و المغرب مثل اغلب دول العالم عرف انخفاض في نسب المشاركة في الاستحقاقات الانتخابية حيث اتخذت نسب العزوف شكل تصاعدي .فنسبة المشاركة سنة1997 بلغت 58.3% في حين نزلت نسبة المشاركة سنة 2002 الى 51,6% وواصلت انخفاضها سنة2007 الى 37% و هي ادنى نسبة مشاركة في التاريخ السياسي المغربي. و ارتفعت النسبة الى 45,51% سنة 2011 ، لتعود للانخفاض سنة 2016 بنسبة 42,29%.

إن مرحلة الشباب هي أخصب مراحل العمر، وهي مرحلة العطاء وهم الثروة الثمينة التي لا تعوض، وهم تاج وعز الأوطان بصلاحهم تنهض البلدان، والشباب في أي مجتمع من المجتمعات عنصر حيوي في جميع ميادين العمل الإنساني والاجتماعي والثقافي والسياسي والاقتصادي، وهم المحرك الرئيس الفعال لأي إصلاح أو تغيير في المجتمعات ودوما يشكلون الرقم الأصعب في أي عملية تغيير، وأداة فعالة مهمة من أدوات التطور الحضاري للمجتمع، وهم همزة الوصل بين الماضي والمستقبل وهم الحاضر الذي يصنع المستقبل لهذا يجب إعطائهم ما يستحقون من أهمية .

العزوف السياسي خاصة لدى الشباب أصبح يظهر جليا، رغم انه يمثل الشريحة العمرية الأوسع في الهرم السكاني حيث تتجاوز نسبة الشباب في المغرب 65%من نسبة السكان .

ورغم كل الضمانات الدستورية والقانونية لوضع الشباب في المشهد السياسي المغربي حيث جاء دستور 2011 بمجموعة من الضمانات التي نصت على دور الشباب في الحياة السياسية وكانت بمثابة المحفز لها ولعل من أهمها التنصيص على ضرورة اتخاذ السلطات التدابير اللازمة لتوسيع وتعميم إشراك الشباب في التنمية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وتسهيل ولوجهم للحياة الثقافية عبر مساعدتهم وتشجيعهم على الاندماج في الحياة النشيطة و الجمعوية .

بالإضافة الى تيسير ولوج الشباب للثقافة والعلم والتكنولوجية، والفن والرياضة والأنشطة الترفيهية، مع توفير الظروف المواتية لتفجير طاقاتهم الخلاقة والإبداعية في كل هذه المجالات. كما نص الفصل 170 من الدستور على إحداث مجلس استشاري لشباب والعمل الجمعوي بمثابة هيئة استشارية تعمل على تقديم المشاريع والبرامج الهادفة إلى إدماج الشباب في لب الشأن العام عبر تقديم الاقتراحات حول كل موضوع اقتصادي وثقافي يهم هده الفئة.

وإصدار قانون تنظيمي متعلق بالأحزاب السياسية باعتباره ترجمة حقيقة لما جاء في الدستور الجديد الذي نص على ضرورة إدراج الأحزاب لفئة الشباب في الهياكل التقريرية للحزب وإعطاء نسبهم فيها مع التقرير على ضرورة عملها على أشارك هده الفئة في الحياة السياسية والعمل على ترسيخ هده الممارسة.


ورغم هذا كله وبعد مرور عدة سنوات على إصدار الدستور تبقى نسبة مشاركة الشباب الأقل من 35 سنة ترشيحا وتصويتا في الاننتخابات جد ضعيفة.


ومما لاشك فيه أن لأي ظاهرة أسباب ،و يمكن تلخيص أهم أسباب العزوف الانتخابي خصوصا لدى الشباب في عدة عوامل اهمها:

غياب الثقة في الفعل الانتخابي و العمل السياسي كآلية للتغيير.

الجهل و الأمية من العوامل المؤثرة في تدني نسبة المشاركة.

الجهل بالحياة السياسية و عدم إدراك صراعاتها.

الفقر و الهشاشة و الانشغال بالبحث عن سبل العيش عوض الاهتمام بالمجال السياسي.

عدم الرضا عن النسق السياسي الحالي و الأداء الحكومي .

الإحساس أن المشاركة في العملية الانتخابية عديمة الجدوى بسبب وجود ديمقراطية شكلية فقط.

غياب برامج حزبية واقعية تهم المشاكل الاساسية للشباب.

ضعف التنظيمات السياسية و عدم قدرتها على الاستقطاب و التأطير.

شيخوخة القيادات السياسية و اغلاق الطريق على الشباب من أجل اخذ المسؤولية داخل الاحزاب السياسية.

ضعف آليات إفراز النخب و تأطيرها خصوص الأحزاب السياسية وفقدان الشباب الثقة في هده المؤسسات لما تعرفه من طابع تقليدي في استقطاب هده الفئة وهو ما يبلور فكرة أساسية بأن الشباب ليس عازف عن الممارسة السياسية بقدر ما هو عازف عن ولوج الأحزاب السياسية باعتباره الآلية الرئيسية في تفعيل المشاركة.

ندرة التكوين و التأطير الفعلي لفئة الشباب مما يترجم غياب استراتيجية واضحة لإدماج هده الفئة في تسير الشأن العام , وبالتالي المساهمة في الحياة السياسية عموما.

ضعف إلمام واهتمام الشباب بالحقل السياسي.

ضعف التعامل مع قضايا الشباب في البرامج السياسية للمنتخبين والأحزاب السياسية .

كلها أسباب و أخرى تجعل الشباب المغربي يمتنع عن المشاركة السياسية ليس عزوفا بقدر ما هو عدم ثقة في مؤسسات تفعيل المشاركة السياسية .
و من أجل تجاوز هذه الظاهرة يجب:

إعادة الثقة للعمل السياسي و الأحزاب .

الاهتمام بالتوعية بأهمية المشاركة السياسية للشباب وعدم الخوف من التعبير عن الرأى وذلك من خلال وسائل الإعلام المختلفة .

وضع مناهج دراسية خاصة بتنمية الوعى السياسى للشباب فى المراحل الدراسية المختلفة.

نهج خطط واستراتيجيات سياسية , اقتصادية , اجتماعية , وسويسيو ثقافية بعيدة المدى ترغب الشباب في العمل السياسي والمشاركة الفعالة فيه بناء على أسس الديمقراطية الحزبية والمؤسساتية.

إنشاء آلية وطنية تهدف إلى تقوية مشاركة الشباب في المؤسسات والسياسات العامة.

تسهيل ولوج الشباب من فئات ذوي الاحتياجات الخاصة لحقوقهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمدنية.

تفعيل الدور الاستشاري لمنظمات المجتمع المدني عبر إشراكهم في الحقل السياسي.

منح الشباب الفرصة داخل الأحزاب السياسية.

إدماج أهمية العمل السياسي لشباب في المناهج التعليمة وتربية الأجيال الصاعدة عليها

دعم البحث العلمي والاستعانة بالأبحاث العلمية والخبرات في مجال التسيير قصد ترجمة أراء فئة الشباب إلى واقع.

استثمار الكفاءات الشبابية وإنصافها عبر أشركها بتحميلها مسؤولية التسيير و ضرورة التشاور معم فالقضايا التي تهمهم قصد إنتاج إستراتيجية مندمجة تقوم على الإشراك في القرار إما عبر تحمل المسؤولية أو الإشراك فيها والاستشارة.

اعتماد الأحزاب ديمقراطية داخلية تتيح بلوغ الكفاءات مراكز المسؤولية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock