أهدته فرنسا الاستعمارية لأمريكا الإمبريالية، رحلة تمثال من أرض الكنانة إلى أمريكا.
فدوى كدور.
هو عبارة عن منحوتة على شكل جسد امراة تحمل في يدها اليمنى مشعلا وفي اليسرى كتابا منقوش عليه (4يونيو 1976)
على رأسها سبعة أسنة.
فما قصته؟ وما دلالته؟ من صممه؟ ولأي غرض؟
في القرن التاسع عشر تحديدا سنة 1886
في مصر أم الدنيا صمم فريدريك بارتوردي
(Frédéric Auguste Bartholdi)
منارة مصغرة على شكل امراة فلاحة مصرية مسلمة ترتدي لباسا طويلا ترفع يدها اليمنى حاملة شعلة مضيئة لارشاد السفن وكان شعارها أنذاك:
(مصر تحمل الضوء لآسيا)
على رأس التمثال صنع تاج تتفرع منه سبعة أسنة تشبه أشعة الشمس مستوحاة من عملة نقدية مصرية منقوش عليها رأس بطليموس الثالث،( وهو الحاكم الثالث من أسرة البطالمة في مصر).
عرض المصمم الفرنسي تصميمه على الحاكم المصري “الخديوي إسماعيل” ليتم التكفل بمصاريف إنجازه ونصبه في مدخل قناة السويس التي أنشأت في تلك الفترة (16نوفمبر من نفس السنة ).
لكن هذا الأخير رفض لعدم توفر خزانة البلد على السيولة المالية الكافية.
في نفس الفترة كانت فرنسا المستعمرة تفكر في كسب رضا الدول المساندة لها وتوطيد العلاقات السياسية والديبلوماسية معها، ففكرت في تقديم هدية، وكان الحل هو التمثال، والمناسبة هي الذكري المئوية لإعلان استقلال الولايات المتحدةالأمريكية(4يونيو 1876).
قامت فرنسا بجمع مبلغ 2,250,000 فرنك من الضرائب ووسائل الترفيه التي يستخدمها المواطنون كاليانصيب وغيرها، من أجل تصميمه وشحنه إلى أمريكا التي تكلفت هي بدورها في الضفة الأخرى بجمع المال من المعارض الفنية والمسرحيات قصد إنشاء قاعدة تليق بالتمثال .
سهر على هذه الحملة السيناتور وعمدة نيويورك ويليام إيفارتز ( William M. Evarts) غير أن هذا لم يكن كافياً، مما حدا بـ جوزيف بوليتزر ( Joseph Pulitzer) – صاحب جائزة بوليتزر فيما بعد – أن يقوم بحملة من خلال الجريدة التي كان يصدرها تحت إسم العالم (أخبار عالمية) .
بعد توفر المال الكافي تم اختيار المكان المناسب فكان هو جزيرة الحرية التي عرفت حينها باسم جزيرة بدلو ( Bedloe).
بدأت الأشغال على قدم وساق.
والمعماري الأميريكي ريتشارد موريس هنت ( Richard Morris Hunt) هو من صمم القاعدة وانتهى منها في أغسطس من العام 1885 ليتم وضع حجر الأساس في الخامس من هذا نفس الشهر.
وبعدها بعام اكتملت أعمال بنائها في 22 إبريل 1886. أما عن الهيكل الإنشائي، فكان يعمل عليه المهندس الفرنسي يوجيني لو دوك (Eugène Viollet-le-Duc) لكنه توفي قبل الانتهاء من التصميم، فتم تكليف غوستاف إيفل ليقوم بإكمال ذلك العمل. وبالفعل قام إيفل بتصميم الهيكل المعدني بحيث يتكون من إطار رئيسي للتمثال يتم تثبيته في إطار ثاني في القاعدة لضمان ثبات التمثال.
في يوليو عام 1884 تم شحن التمثال على الباخرة الفرنسية إيزري (Isere)، باتحاه ميناء نيويورك وصلت الباخرة في 17 يونيو 1885. وتم تفكيك التمثال إلى 350 قطعة وضعت في 214 صندوق لتخزينها لحين انتهاء أعمال بناء القاعدة.
في 28 أكتوبر 1886 – اكتمل بناء قاعدة التمثال بعدها بستة أشهر – قام الرئيس الأمريكي جروفر كليفلاند ( Grover Cleveland) بافتتاح التمثال في احتفال كبير، وقد ألقى فيه السيناتور وعمدة نيويورك الذي قاد حملة التبرعات – ويليام إيفارتز ( William M. Evarts) – كلمة بهذه المناسبة.
في عام 1903 تم وضع لوحة تذكارية من البرونز على حائط قاعدة البرج الداخلية مكتوبا عليها كلمات الشاعرة الأميريكية إيما لازاروس (Emma Lazarus) بعد 20 عاما من كتابتها في 1883.
في عام 1916 – في إطار الحرب العالمية الأولى – وقع انفجار في مدينة جيرسي ألحق أضرارا بالتمثال بلغت قيمتها 100,000 $ دولار أمريكي مما أدّى إلى تحديد حجم الزائرين حتى تم الإصلاح.
في 15 أكتوبر 1924 تم إعلان التمثال والجزيرة كأثر قومي، وتقوم بإدارتها إدارة الحدائق الوطنية (National Park Service – NPS)، وهي تـُعتبر الجهة الفيدرالية المنوط بها إدارة المناطق الأثرية في جميع أنحاء الولايات.
وأصبح منذ ذلك الحين رمزًا للحرية والديمقراطية.
فهل هذا التمثال الذي صرفت عليه هذه المبالغ الكبيرة وبذلت من أجله كل تلك الجهود أضاف شيئا للحرية ،أم أنه مجرد تذكار يأخذ السياح معه صور فتوغرافية؟