
غَرِيبٌ أَمْرُكَ غَرِيبٌ
لِمَ كُلُّ هَذَا ٱلتَّنَاقُضِ
وَهَذَا ٱلنِّفَاقِ ٱلْمُرِيبِ
لِمَ كُلُّ هَذَا ٱلتَّمَلُّقِ
وَٱلتَّسَلُقِ ٱلْمُعِيبِ
تَقْطَعُ وُعُودًا لَا تَفِي بِهَا
تَنْطِقُ بِكَلِمَاتٍ لَا تَعِي مَعَانِيهَا
تَعْبَثُ بِٱلْمَشَاعِرِ شِمَالًا وَيَمِينًا
تُأَجِّجُ فَتِيلَ ٱلصَّبَّابَةِ عُنْوَةً
تَضْرِمُ فِي ٱلْأَفْئِدةِ نَارَ الْأَشْوَاقِ
تُسَيِّجُ ٱلْحَنَاجِرَ بِرُزَمٍ مِنَ ٱلْأَشْوَاكِ
تَجْتَاحُ كُلَّ أَخْضَرٍ يَانِعٍ كَٱلْجَرَادِ
تُحَوِّلُ بَسَاتينَ ٱلْفَرَحِ وَٱلْبَنَفْسَجِ
إِلَى حَطَبٍ وَكَرَبٍ وَرَمَادٍ
تُزَعْزِعُ طُمَأْنِينَةَ ٱلْقُلُوبِ
تَبْصُمُ عَلَى أَرْوَاحِ ٱلْأَوْفِيَاءِ
بِأَشْكَالٍ وَأَلْوَانٍ مِنَ ٱلنُّدُوبِ
ثُمَّ تَتَعَجَّبُ مِنْ جَفَاءِ ٱلرُّدُودِ
وَتَمْتَعِضُ مِنْ طُرُودِ ٱلصُّدُودِ
ثُمَّ تُرَدِّدُ:أَنَا بَرِيءٌ .أَنَا بَعِيدٌ
بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ جِبَالٌ وَسُدُودٌ
أَنَا كَامِلٌ …لَيْسَ بِي عُيُوبٌ
فَنَارُ ٱللَّوْعَاتِ مَنْ يُطْفِئُهَا ؟!..
وَٱلأُمْنِيَّاتُ ٱلْمُعَلَقَةُ مَنْ يُحَقِقُهَا؟!..
مَنْ يُعِيدُ لِلنُّفُوسِ اسْتِقْرَارَهَا؟!..
مَنْ يُرْجِعُ لِلْمَشَاعِرِ سُكُونَهَا؟!..
غَرِيبٌ أَمْرُكَ غَرِيبٌ…..
تَرْسُمُ لَهُنَّ مُدُنًا مِنَ ٱلسَّعَادَةِ
شَوَارِعُهَا أَمْنٌ وَآمَانٌ
بُيُوتُهَا فَرَحٌ وَحَنَانٌ
أَسْوَارُهَا حُبٌّ وَوِئَامٌ
وَأَنْتَ؟؟!!…
أَنْسِيتَ مِنْ أَنْتَ؟!
أَنْتَ لَاجِئُ أَحْزَانٍ
فَلِمَ لَا تَقْطُنْ أَنْتَ فِيهَا؟!…
لِمَ لَا تَنْعَمُ وَتَسْعَدُ أَنْتَ بِهَا؟!…
غَرِيبٌ أَمْرُكَ غَرِيبٌ….
تُوقِدُ قَنَادِيلَ ٱلْوَجَعِ
تُصَفِّفُ شُمُوعَ ٱلْوَلَعِ
تُنْشُرُ ٱلْفِتْنَةَ وأَطْيَافًا مِنَ ٱلْهَلَعِ
تُقِيمُ لَيَالِيَ ٱلْفِسْقِ وَٱلْبُهْتَانِ
تَمْزِجُ ٱلْعُطُورَ بِٱلسَّهَكِ وَٱلدُّخَانِ
تَرْتَدِي ٱلْأَحْمَرَ وَالْمُخْمَلِيَّ
تُغْطِسُ ٱلْأَبْيَضَ ٱلنَّقِيَّ
فِي مُسْتَنْقَعِ ٱلْأَلْوَانِ
تَتَرْنَّحُ كَمَارِدٍ شَقِيٍّ بِلَا وَطَنٍ
تَهِيمُ كَأَبْلَهٍ غَبِيٍّ بِلَا عُنْوَانٍ
تُغَازِلُ ٱلْعَذَارَى بِأَعْذَبِ كَلَامٍ
ثُمَّ تُرَدِّدُ: أنَا مُحَافِظٌ
أَنَا أُصُولِيٌّ مَعْصُومٌ
تَنْعَتُ بِٱلْبِدْعَةِ ٱلْمَوَاوِيلَ وَٱلتَّقَاسِيمَ
وَتَلْعَنُ ٱلتَّرَانِيمَ..
وَتَزْعُمُ أَنَّهَا هَاوِيَةٌ
إِلَى سَوَاءِ ٱلْجَحِيمِ
َفَلِمَنْ أَشْعَارُكَ تَنْظُمُهَا يَافَهِيمُ
لِمَنْ تُهْدِيهَا؟!…
لِمَنْ حَفَلَاتُكَ تُحْيِيهَا ؟!…
وَأَنْتَ وَحِيدٌ كَئِيبٌ
غَرِيبٌ أَمْرُكَ غَرِيبٌ
تَدَّعِي أَنَّكَ مَظْلُومُ ٱلْغَرَامِ
تَشْتَكِي ٱلْإِهْمَالَ
وَأَنَّكَ ضَحِيَّةُ ٱلْحِرْمَانِ
تَتَوَسَّلُ ٱلوِّدَ وَتَتَسَوَّلُ ٱلْإِهْتِمَامَ
وَخْمْرَةُ ٱلْحُبِّ أَنْتَ مَنْ يَعْصُرُهَا
وَأَنْتَ حَامِلُهَا وَأَنْتَ سَاقِيهَا
غَرِيبٌ أَمْرُكَ غَرُيبٌ
بِلَا مُبَالاةٍ تَدْهَسُ رَوَابِيَ ٱلرَّيحَانِ
بِلَا مَلَلٍ تُطَارِدُ ٱلْفَرَاشَاتِ
مِنْ مَكَانٍ إِلَى مَكَانٍ
تَخْنِقُ بِسَجَائِرِكَ أَنفَاسَ ٱلْأُقْحُوَانِ
تَرْقُصُ كَٱلشَّيْطَانِ علَى ٱلْأَغْصَانِ
ثَمَّ تَتَسَاءَلُ:
لِمَ لَمْ يَزُرْنَا ٱلرَّبِيعُ حَتَّى ٱلْآنَ
لِمَ تَتَسَاقَطُ ٱلأَوْرَاقُ قَبْلَ ٱلْأَوَانِ
غَرِيبٌ أَمْرُكَ غَرِيبٌ
يَا أَيُّهَا ٱلْمُخَاتِلُ ٱلْدُنْجُوَانُ