عزوف الشباب على الانخراط في الفعل السياسي من داخل الأحزاب السياسية بالمغرب، أسبابه؟ ووظائف؟
سفيان الصيباري
إذا ما تم الحديث عن إرادة الشباب في الانخراط في الفعل السياسي ببلادنا فإنه يتم الجزم بأنها حاضرة بقوة من خلال كل الوسائل الافتراضية و مغيبة على أرض الواقع.
وعندما نؤكد على أنها مغيبة يعني أن هناك عوامل شتى تشتغل لحصر هذه الإرادة في خانتها الضيقة، وبالتالي جعل هذا الفعل متاح لفئات بعينها دون غيرها ممن لهم إرادة العمل.
وعندما نشير إلى العمل، فهو فعل لا ينتظر فاعله منفعة مادية عكس ما نعايشه.
الكل يتساءل لماذا لا ينخرط الشباب في الممارسة السياسية من داخل الأحزاب السياسية؟ الجواب بسيط، لأن جل الأحزاب السياسية مقصرة بشكل كبير في تكوين الشباب تكوينا سياسيا والتواصل معه من أجل توجيهه كما يجب. ما عدى في فترات، تحدد قبيل كل انتخابات والتهييئ في هذا الظرف بالضبط يكون موجها من أجل الاستقطاب وفقط.
فكيف ينتظر من هم على رأس هاته المؤسسات السياسية انخراط الشباب.
هذا من جهة ومن جهة أخرى، هناك إقصاء مقصود من قبل الممثلين لا سواء المحليين و الجهويين، ولا حتى الوطنيين خشية على مناصبهم دون وضع مصلحة الوطن فوق أي اعتبار.
وهذا مما حول الأحزاب السياسية في المغرب في مخيلة أغلب الشباب على أنها مجرد مقاولات نفعية، وهي حكر على فئات معينة لا يمكن الرهان عليها من أجل التغيير للأفظل.
وتكرست ثقافة الرفض الكلي من قبل الشباب لأية مبادرات قد يقدم عليها أرباب هذه الأحزاب السياسية، تصب في العمل على إشراك الشباب في اتخاذ القرار لأنها تبقى شعارات لا مجال لها للتفعيل على أرض الواقع.
والواقع هو أن مجمل الأحزاب السياسية أثناء كل انتخابات تشريعية تزكي ذوي المال و النفوذ من أجل كسب مقعد وليس من أجل كسب شخص قادر على إعطاء قيمة مظافة لهذا الوطن.
ولعل قبة البرلمان والجماعات الترابية خير شاهد على ذلك، كما تعمل على إقصاء الشباب الذين لهم من الكفاءة ما يكفي للإرتقاء بهذا الوطن للأسمى.
تراتبية الإقصاء والبحث على كسب المقاعد دون استحضار الكفاءة اللازمة. وبهذا عكست المقولة الشعبية (كمشة ديال النخل احسن من شواري ديال الذبان) وأصبح رهان الأحزاب السياسية على ( اشواري اديال الذبان بدل كمشة ديال النحل) وبالتالي لن نجني العسل بقدر ما سنجني الضجيج والخنوع والضمار لكون فاقد الشيء لن يعطيه.
ولعل ترك الأمور كما هي لن يولد سوى كراكيز يتم التحكم في حركاتها، تفتقد للقدرة الاقتراحية في مجال التشريع والتيسير بل ويستعصي عليها حتى قراءة ومناقشة القوانين الموضوعة رهن التصويت. ويبقى الموجه هم أسيادهم في اتخاذ قرار رفع اليد من إبقائها.
وبهذا يستمر مسلسل عزوف الشباب المخطط له بإحكام من قبل جل أرباب الأحزاب السياسية بالمغرب وزبانيتهم، إلى أن يقتنع الكل بأن مهمة تمثيل المجتمع و الترافع على همومه والعمل على تدبير أموره هو تكليف وليس تشريف.
ولن تتحقق هذه القناعة حتى يتم نزع كل الإمتيازات التي تحضى بها هذه الفئات. ولكون محدد السلطة والمال هو الحاضر بقوة بدل الفكر والجرأة الحكيمة فلا داعي للسعي وراء الديمقراطية بمفهومها الشمولي.
إلا أن الأمل في المساهمة قدر الإمكان من أجل التغيير للأفظل لن يتم إقباره لكون المسعى أنبل مما يمكرون.
سفيان الصيباري خريج كلية الأداب والعلوم الإنسانية ظهر المهراز فاس شعبة علم الاجتماع.