أخبار إقليمية

تاونات: البلد الأكثر مظلومية في تاريخ المغرب

الرباط/ عبد النبي الشراط.

  • تعليم في المنطقة متأخر بنسبة 90%
  • الحجرات المدرسية أسوأ من أسطبلات الحيوانات
  • مدرس واحد لكل 50 تلميذ
    مدرس واحد لكل ثلاثة أقسام
  • تجاهل المنتخبين لقطاع التربية والتعليم يكرس الجهل ويشيع الأمية بين أفراد المجتمع
    الجمعيات المدنية عاجزة عن تدبير الوضع في ظل تسييسها وتدجينها وشيطنتها
    فرعية دار طكوك نموذجا لهذا العبث..


في الماضي القريب كان التلاميذ في جبالة يقطعون عشرات الكيلومترات تحت رحمة الأمطار ويقطعون الغابات والوديان الجارفة للوصول إلى المراكز الهشة، حيث كانت تقع بعض المدارس، وقد مرت هذه المرحلة واضطر الكثيرون للانقطاع عن الدراسة والعودة للمدشر أو الدوار ليلتحقوا بحقول آبائهم البسيطة لممارسة مهنة الحرث أو رعي الأبقار والأغنام إن وجدت…

والقليلون منهم تمكنوا من متابعة دراستهم في المدن وهذه فئة قليلة ومحظوظة جدا، خاصة من كان منهم ينحدر من أسرة شبه غنية أو متوسطة الدخل، لكن الكثيرون غادروا المدرسة في سن مبكرة وآخرون وهم كثرة أيضا لم يلجوا المدرسة بعد، لتبقى منطقة جبالة كما هي عليه الآن، حتى أن الذين (تبهدلوا) في دراستهم وتحملوا الوضع وأصبحوا الآن أطر وقيادات في المجتمع، نسوا تاريخهم وهملوا منطقتهم، وهم يعيشون في سلام بالمدن وحتى خارج المغرب، وتنكروا لمنطقتهم الأم.


بينما ظل المسئولون الذين تعاقبوا على حكم جبالة من عمال ورجال سلطة، مجرد موظفين قابعين في مكاتبهم ينتظرون نهاية الأسبوع كي يقضوا عطلتهم الأسبوعية في أماكن ومناطق حضرية راقية ثم يعودون لينتظروا نهاية الشهر لاستلام مرتباتهم، ثم ينتظرون تنقيلهم أو ينتظرون تقاعدهم.


فيما ظل المنتخبون يتناوبون على رئاسة الجماعات الترابية لا يلوون على شيء، ولم تكن لهم قدرة على فتح أفواههم، بل كانوا مجرد عبيدا لرجال السلطة الذين يأمرونهم فيطيعون، وينهونهم فيتتهون…


لحدود الآن مرت 64 سنة على الاستقلال، وما زلنا نرى مدارس مهترئة وتعليم سيء وإهمال واضح ومتعمد من طرف الدولة تجاه التنمية في منطقة جبالة، وإذا كنا نعتقد أن ما نسميه ب (المخزن) يمارس العقاب على هذه المنطقة بسبب تاريخها مع هذا (المخزن) فإننا لا نجد مبررا لأولئك وهؤلاء المنتخبين الذين يتتاقبون على تسيير البلاد كل ست سنوات، فقط، لينتقموا من أبناء جلدتهم!..


مناسبة هذا الكلام ما توصلت به البارحة من سكان دوار دار طكوك جماعة الرتبة دائرة غفساي إقليم تاونات، وما وصلني ما هو إلا نموذجا مصغرا لما تعانيه كافة المنطقة، خاصة في الشق التعليمي، الذي لم يعد أي مبرر تقدمه لنا الدولة بشأن المعاناة التي يعانيها التلاميذ والمدرسين على حد سواء، ناهيك عن معاناة الآباء والأمهات…


فرعية دار طكوك، التابعة لمجموعة مدارس المكمل لا يمكن أن نسميها مدرسة، وعلى الدولة والحكومة معا، ووزارة التربية والتعليم خاصة، على هذه الجهات الحكومية جميعها أن تستحي كي تصنف فرعية المكمل مدرسة في سجلاتها وتدعي أنها مكانا صالحا للتمدرس.


(الصور المرفقة توضح الكلام بشكل جيد) وبالإضافة لسوء حالة هذه الفرعية، فإننا نصطدم بحالة هيئة التدريس بها، حيث كان يتناوب ثلاثة مدرسين على ستة أقسام، يعني أن أستاذ واحد يدرس في قسمين، فكيف يمكن لمدرس واحد أن يقوم بعملية تدريس فصل التحضيري مع فصل المستوى الثاني؟ وكيف يجمع مدرس واحد بين الفصل 5 و6 وهكذا…


المشكلة لم تنحصر هنا، فقد كان الأساتذة راضون بقضاء الله وقدره، ويبذلون مجهودا كي يؤدوا رسالتهم التعليمية النبيلة، لكن الطامة الكبرى تجلت في نقل مدرس من ضمن هذه الهيئة التي تضم ثلاثة مدرسين، تم نقل أحدهم لجهة أخرى فأصبحت الهيئة تضم إثنان فقط، لمجموع ستة أقسام (فصول) بمعنى أن كل مدرس ملزم بالقيام بتدريس ثلاثة أقسام!!!…


فهل يستطيع هؤلاء المساكين من المدرسين أن يقوموا بهذه العملية المستحيلة ؟


على إثر ذلك قرر آباء وأولياء وأمهات التلاميذ والتلميذات أن يتوقف أبناؤهم وبناتهم عن الدراسة ابتداء من يوم الثاني والعشرون من شهر ديسمبر الجاري، في انتظار إيجاد حل لمشكل تنقيل مدرس واحد من الثلاثة لأنه من المستحيل جدا أن يتغلب مدرسان فقط من تلقين التعليم لما يقرب من مائة تلميذ…


أبعد هذا نحسب أننا نعيش في دولة الحق والقانون؟ أين هو الحق في التعليم أولا، ثم نمر للقانون..


نجدها فرصة كي نوجه أنظار المسؤولين بإقليم تاونات وعلى رأسهم السيد عامل الإقليم، ومدير مديرية التعليم بإيجاد حل سريع وعادل لهذا المشكل الذي قد تنجم عنه مشاكل إضافية، لا نعتقد أنها في صالح الجميع، كما نعتبر هذه الرسالة موجهة للبرلمانيين والمنتخبين الذين يمثلون المنطقة، بطرح هذا الأمر مع المسئولين ومتابعته إذا كانوا فعلا يعتقدون أنهم يمثلون الناس…


ننتظر من البرلمانيين النشطين بالمنطقة أن لا ينتظروا طرح سؤال كتابي على وزير التعليم الذي نعلم أنه سيجيبهم بأن الوزارة تفكر في كذا وقد تفعل كذا.. بل نتتظر منهم أن يتحركوا تحركا عمليا سريعا لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock