محمد الشمالي: قصة مهاجر مغربي يكافح لاسترجاع حقه في أرضه بطنجة

ابراهيم بن مدان.
محمد الشمالي، مهاجر مغربي مقيم ببلجيكا، يجسد صورة آلاف المغاربة الذين يحملون أوطانهم في قلوبهم رغم الغربة وبعد المسافات. فبالنسبة له، الوطن ليس مجرد أرض وذكريات، بل هو “الأم الحنون التي يلجأ إليها الإنسان كلما أحس بالخوف أو الضياع”، كما يردد دائماً. هذا الارتباط العاطفي العميق دفعه إلى التفكير في العودة للاستثمار بمدينته الأم طنجة، مساهماً في تنمية بلده كما يفعل كثير من أفراد الجالية المغربية بالخارج. غير أن الحلم سرعان ما انقلب إلى كابوس يقض مضجعه منذ سنوات.
بداية القصة: شراء بقعة أرض والحلم بمشروع استثماري
تعود فصول الحكاية إلى سنة 2019، حينما فوجئ الشمالي بوجود اسمه ضمن لائحة الأراضي المعروضة في المزاد العلني بالجريدة الرسمية، رغم أنه المالك الشرعي لبقعة أرضية بمدينة طنجة، بحيازته لشهادة الملكية القانونية. الأرض التي اشتراها كان يخطط لتحويلها إلى مشروع استثماري، لتكون خطوة أولى في مسار عودته التدريجية إلى أرض الوطن. لكن المفاجأة الصادمة كانت حين اكتشف أن شركة تحمل اسم “TMSA” وضعت يدها على العقار دون علمه أو إذن منه.
مراسلات ووعود لم تُنفذ
بحكم التزاماته المهنية في بلجيكا، لم يكن الشمالي قادراً على التواجد باستمرار بالمغرب، لذلك اعتمد على المراسلات الرسمية عبر البريد الإلكتروني للتواصل مع الشركة. وجاءه الجواب دائماً مطمئناً بأن “الأرض في الحفظ والصون” وبإمكانه التصرف فيها متى شاء. إلا أن الصدمة الكبرى كانت حين حضر شخصياً إلى طنجة ليجد الأرض الواقعة بالمنطقة الصناعية مسيجة بالكامل بسياج حديدي أقامته الشركة، في مشهد اختزل كل معاناته في لحظة واحدة.
معركة قضائية… وانتصار غير مكتمل
إيماناً منه بدولة الحق والقانون، سلك الشمالي كل المساطر القانونية المتاحة. وبعد مسار قضائي طويل، أصدرت المحكمة الإدارية بالرباط حكماً لصالحه، وهو اليوم يتوفر على نسخة رسمية منه. لكن فرحته لم تكتمل، إذ لم يتم تنفيذ الحكم على أرض الواقع، وظل يتعرض للتأجيل والمماطلة، ما جعله يدخل في دوامة من اليأس والإحباط انتهت بعودته مجبراً إلى ديار المهجر.
معاناة إنسانية واجتماعية
ما يزيد من حدة معاناة محمد الشمالي هو وضعه العائلي الخاص، فهو أب لثلاثة أطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة. ورغم ثقل المسؤولية في بلاد الغربة، لم يتخل يوماً عن وطنه، بل ظل وفياً لروابطه وهويته المغربية. يؤكد وهو يذرف دموع الحسرة أنه لم يطلب سوى حقه المشروع، وأنه مستعد للوفاء بكل التزاماته وواجباته المالية والقانونية.
رسالة مفتوحة إلى صاحب الجلالة
الشمالي، الذي يصف نفسه بأنه “مواطن مغربي غيور ومتشبث بثوابت الأمة ومقدساتها”، يعبّر عن أمله الكبير في أن تصل رسالته إلى جلالة الملك محمد السادس نصره الله، باعتباره الضامن الأول لحقوق المواطنين داخل الوطن وخارجه. ويقول: “أنا على يقين أن جلالته لا يرضى أن يتعرض أي من رعاياه للظلم أو الحكرة، لذلك أطرق بابه كأب حنون يشمل الجميع بعطفه”.
نداء للحوار والحل
في ختام حديثه، شدد الشمالي على أنه لا يسعى إلى النزاع، بل يطالب فقط بفتح باب الحوار مع الشركة المعنية لإيجاد حل منصف ينهي هذا الملف الذي أنهك نفسيته وأسرته. وأضاف: “ما دمنا نعيش في دولة الحق والقانون، فمن حقي كمواطن مغربي أن أستفيد من أرضي، وعلى الشركة أن تحترم الحكم القضائي الصادر وتجلس إلى طاولة الحوار”.
ويبقى ملف محمد الشمالي واحداً من بين عشرات القضايا التي تطرح أسئلة جوهرية حول علاقة المهاجر المغربي بوطنه الأم، وحول مدى تسهيل اندماجه في مشاريع التنمية الوطنية بعيداً عن العراقيل الإدارية أو النزاعات العقارية التي تحول الأحلام إلى كوابيس.