أخبار إقليميةاقتصاد

تاونات:  تقنين الكيف… المأساة.

تماطل أصحاب الشركات في أداء مستحقات المزارعين قد ينسف عملية التقنين.

 

تقرير / عبد النبي الشراط. 

بعد سنوات طويلة من الصراع بين المواطنين وأجهزة السلطة والدولة، إهتدت هذه الأخيرة إلى “تقنين الكيف” على أمل أن يهدأ “الصراع” بين المخزن والناس…

في سنة 2021 أقرت الحكومة قانون رقم 13- 21 ونال تصويت الأغلبية في البرلمان بغرفتيه، وأصبح “قانون الكيف” كسائر القوانين المغربية الأخرى نافذة التطبيق.

في سنة 2022، أسست الدولة لهذا الغرض “الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي” والتي أصبح من اختصاصها منح تراخيص للمزارعين بناء على معايير حددها القانون، الذي يشترط تأسيس تعاونيات تتولى شراء الكيف “الخام” من المزارعين والتي تسوق بدورها هذا المنتوج إلى شركات تأسست لهذا الغرض طبقا لنفس القانون.

تبدو من أول وهلة، العملية معقدة نسبيا، حيث يُشترط في الراغبين مزاولة نشاط زراعة الكيف المرور عبر عدة محطات قانونية تعتبر ضرورية جدا، تبدأ بجلب مهندس ينجز خريطة للأرض المراد استعمالها في زراعة الكيف، وتمر عبر مراقبة السلطات المحلية، بالإضافة لضرورة وجود ملكية الأرض أو عقد كرائها، وتنتهي بحصول المزارع على “بطاقة” تثبت أنه يزاول مهنة زراعة”الكيف المقنن”.

بعد هذه المساطر التي عادة ما تشوبها مشاكل وتقلبات يصبح المواطن الذي يتعاطى هذه الزراعة آمنا من المتابعات القضائية والقانونية.

هناك أيضا مرحلة تأسيس التعاونيات التي تخضع بدورها لمساطر تبدو معقدة لأبناء المنطقة الذين لا علاقة لهم بالقانون ولا يعرفون متاهاته وفصوله، ولذلك تجدهم يسألون ويسألون عن كل شاذة وفاذة، والحقيقة هذه ميزة يتمتع بها أبناء منطقة غفساي خاصة، حيث يسعون دائما للبحث عن الحقيقة.

بعد كل هذا، تأتي مرحلة الزراعة والسقي والصيانة التي تتلوها عملية الإنتاج ثم مرحلة البيع؟ 

كيف تتم العملية؟ 

شخصيا وقفت على الكثير من هذه المراحل التي تمر منها عملية الإنتاج، ولأول مرة استطعت تصوير بعض المراحل التي تمر منها عملية الإنتاج علنا، وبدون تحفظات من طرف المنتجين.

تبدأ العملية (عملية الإنتاج) بحصد محصول الكيف من الحقول، ويجند لها شباب ورجال ونساء حتى، ثم تأتي عملية (تشميس الكيف) أي عرضه لمدة معينة لأشعة الشمس كي ينضج، ثم يتم نقله إلى مكاتب التعاونيات التي تسلم وصلا بالاستلام للمزارعين، فتقوم هذه التعاونيات بعمليات الجمع وحين تجمع قدرا معينا من (حنطة الكيف) تسلمه بدورها للشركات المتخصصة في تسويق هذا المنتوج داخل وخارج المغرب، طبعا بعد تدويره واستخراج ما يجب استخراجه منه. بواسطة خبراء ومتخصصين الخ..وهذه الشركات للعلم، تحيط عملها بسرية تامة ولا يبوح أصحابها بأي تفاصيل يمكن أن يعرفها عموم الناس.

بعد كل هذه المراحل الصعبة، (شراء زريعة/ منبت الكيف من جهات معينة، زراعة، صيانة وري، ثم الحصد وإيصال المنتوج للتعاونيات ثم الشركات…) 

هنا تتوقف العملية ويبقى المزارعون والتعاونيات معلقون بين السماء والأرض، ينتظرون رحمة الشركات الكبرى التي استلمت المنتوج جاهزا، ومن ثم لا يجيبون على أرقامهم التلفونية استفسارات المنتجين.

أسئلة بلا إجابة: 

في إطار تتبعنا لهذا الملف المعقد وبما أن بعض شركات تدوير أو تسويق الكيف هم برلمانيون، فقد سعيت للاتصال ببعضهم لنقل أسئلة المزارعين لهم…

متى يتم تسديد الواجبات المالية للمزارعين الفقراء وللتعاونيات التي تعتبر مجرد وسيطة في هذه العملية؟ 

طبعا تطرقنا قبلا لمرحلة الزراعة والإنتاج، وبطبيعة الحال المزارعون يصرفون أموالا باهضة لا يطيقها أغلبهم وصولا لمرحلة الإنتاج، بالتالي ينتظرون متى يتم تسديد لهم الأموال لأن أغلبهم مدينون للغير.

الآن، منذ شهر غشت الماضي، أي خمسة أشهر مضت على تسليم المزارعين والتعاونيات “سلعة الكيف” للشركات المعنية، ولحد الآن لا يوجد أفق محدد لكي يتحصل المزارعون على مستحقاتهم المالية الذين هم بأمس الحاجة إليها، استنادا لما سبق، ولذلك كان من الضروري التواصل مع بعض القائمين على هذه الشركات لاستجلاء الأمر.

كان الاتصال الأول مع السيد (م.م) وهو مستشار برلماني ورئيس إحدى الغرف المهنية بتاونات، فكان رده عبارة عن “نصيحة” وجهها لي قائلا: (أنه ليس من مصلحتي الخوض في هذا الموضوع، لأنه مشروع ملكي، وأن شركته لها ارتباط بوزارة الداخلية وليس بوزارة الفلاحة وقال كلاما آخر…) 

الحقيقة لله، أنا ما فهمت كلام السيد المستشار البرلماني عن دائرة القرية/ غفساي، ولا فهمت نصيحته… فأنا نقلت له سؤال من طرف المزارعين عن سبب تأخر عملية صرف مستحقاتهم التي طالت خمسة أشهر لحد كتابة هذه السطور… فقط.

هو أجاب بأن “هذا مشروع ملكي وتشرف عليه وزارة الداخلية، وأنا كصحفي ممنوع علي التطرق لهذا الموضوع” لأنني أعتقد أن إقحام المؤسسة الملكية في موضوع كهذا إنما هو نوع من الغباء! هل جلالة الملك هو المسؤول عن تأخير صرف مستحقات الفلاحين؟ حاشا وليس ذلك مطروحا على الإطلاق… وأنا أترك للمحللين فك شفرة كلام السيد المستشار البرلماني، الذي يماطل في أداء مستحقات البسطاء من الناس ويتذرع بالمؤسسة الملكية التي هي بعيدة كل البعد عن هذا الموضوع.

وكان اتصالي الثاني بالسيد (ن.ق) النائب البرلماني ورئيس جماعة قروية ويملك بدوره شركة متخصصة في تسويق الكيف، وكانت إجابته أنه موجود بالولايات المتحدة الأمريكية ووعد بمجرد عودته أن يمدنا بالمعلومات، ونحن ننتظر رده.

للتذكير فإن المستشار المذكور بدوره أبلغني أنه يوجد بالولايات المتحدة الأمريكية.

بعد ذلك كان اتصالي تلفونيا بالسيد مدير وكالة تقنين الكيف بتاونات لكنه لم يجب بالرغم من أنني كتبت له رسالة عبر تطبيق وات ساب شرحت له سبب الاتصال وبطبيعة الحال قدمت له صفتي.

الهدف من كل هذا الكلام، أن يتحصل المزارعون على مستحقاتهم المالية، لأن أغلبهم في أمس الحاجة إليها، وإذا ما استمر الوضع هكذا فإن ما يسمى بعملية تقنين زراعة الكيف سوف يتم نسفها من الأساس، وتعود الأوضاع لما كانت عليه من قبل، والمطلوب من الجهات المعنية بالدولة التدخل لإنصاف مزارعي “التقنين” حفاظا على استقرارهم وأمنهم الغذائي.

10 ديسمبر 2024

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock