أخبار جهويةمقالات الرأي

الإختراق الخبيث للتنظيمات السياسية : بين إشاعة الفوضى وتهديد إستقرار العمل السياسي ، واقعة صفرو البداية فقط والقادم أخطر …

يونس لكحل – صحفي

 

في عالم السياسة لا يكاد يخلو أي حزب أو تنظيم سياسي من خصوم يسعون بشكل أو بآخر إلى إضعافه، لكن الظاهرة التي بدأت تبرز مؤخرا في الساحة السياسية هي ظاهرة ” الاختراق الخبيث ” الذي تستهدف من خلاله تنظيمات سياسية منافسة، بهدف نشر الفوضى الداخلية والتسبب في الأزمات التي تضر بالسمعة السياسية.

الاختراق هنا لا يتعلق فقط بالتجسس أو جمع المعلومات، بل يشمل زرع الفتن والإشاعات الممنهجة التي تهدف إلى إحداث الاضطرابات داخل صفوف التنظيمات السياسية، مما يساهم في تباين العلاقات الداخلية وخلق حالة من القيل والقال.

أمس، في مدينة صفرو، عُقدت ندوة تحت رعاية المنظمة الجهوية للمرأة التجمعية، وهي منظمة موازية لحزب التجمع الوطني للأحرار، حيث كان الموضوع المطروح هو ” إصلاح مشروع مدونة الأسرة”.

حضر الندوة جمع غفير من النساء من مختلف مناطق الجهة، وكان الهدف من اللقاء هو النقاش الجاد حول قضايا تهم المرأة المغربية، وتأثير مدونة الأسرة على حقوق النساء. ولكن بعد انتهاء الندوة، انتشرت إشاعات مفادها أن عددًا من النساء الحاضرات في الندوة قد صرحن بأنهن حضرن لمجرد الحصول على ” القفة “، وأن احدهم قد تواصل معهن ودعاهم للمشاركة في الحدث للحصول على هذه “المساعدات”.

ما حصل في هذه الواقعة هو ببساطة مثال حي على ظاهرة الاختراق الخبيث الذي يستهدف التنظيمات السياسية من الداخل. صحيح أن هذه الإشاعات قد لا تعكس الواقع بالكامل، ولكن التأثير النفسي والسمعي لها يكمن في ما تحققه من نشر الفوضى والارتباك داخل التنظيم، وإثارة الشكوك بين قواعده ، وصولاً إلى الإضرار بصورة الحزب ومنتسبيه في أعين المواطنين، فالأساليب الخبيثة التي يتم اتباعها من طرف خصوم سياسيين لا تقتصر على الهجوم المباشر على المسؤولين أو الكوادر السياسية، بل تنطوي على عمل منهجي لخلق المشكلات داخل الصفوف الداخلية للتنظيمات.

في هذه الحالة، تم استغلال الوضع الحساس والتوقيت للندوة من أجل نشر إشاعة تهدف إلى تدمير مصداقية المنظمين. الهدف من ذلك ليس فقط الإضرار بصورة القائمين على الندوة، بل أيضا التأثير على سمعة التنظيم السياسي بشكل عام، وهو ما يعد جزءاً من استراتيجية “الضرب تحت الحزام” التي يتبعها بعض الخصوم السياسيين.

العمل بهذا الأسلوب لا يستهدف تحقيق نتائج إيجابية عبر الحوار البناء والنقاش الجاد، بل يعتمد على زرع الخلافات، وتحريف الحقائق، وبالتالي يبني تصوراً خاطئاً عن الحزب أو التنظيم وأهدافه. وهنا تكمن الخطورة، حيث يجد الحزب نفسه أمام هجوم مشوه من داخل صفوفه ومن الخارج.

فما وقع في صفرو هو مجرد جزء من خطة متكاملة لخلق الأزمات، تتمثل في سعي جهات معينة لتشويه سمعة أي تنظيم سياسي يشكل تهديدًا لها او له نجاحات ما حققها … فالإشاعات الموجهة ضد تنظيم سياسي يمكن أن تؤدي إلى تآكل الثقة بينه وبين قاعدته ، وهو ما يعزز من تبخيس عمل الحزب وزعزعة الثقة فيه لدى الناس وهذا هو الهدف من المخطط …

وجب التنبيه إذن والحالة هاته بأن الخطورة الحقيقية لهذا النوع من الاختراقات لا تقتصر على تشويه سمعة القائمين على تنظيم ما، بل تتعدى ذلك إلى التأثير على مصداقية العمل السياسي بشكل عام بإعتبار ان الممارسة السياسية تُبنى على الثقة المتبادلة بين الأحزاب والمواطنين ، وعندما تحدث مثل هذه الاختراقات الممنهجة، فإنها تؤدي إلى تقويض هذه الثقة وإضعاف التواصل الفعال بين المؤسسات والمواطنين .

فالاختراقات الممنهجة هي واقع بوجود أفراد بالتنظيم السياسي ( يا اما لا يفقهون شيء في التنظيم.. أو يفقهون ويخططون للتدمير من الداخل عبر خلق الأزمات والرجوع للخلف والاختباء أو الهروب والتواري … فالفعل السياسي ليست مجرد حدث عابر أو تافه، والحزب ليس فضاء تسييري لمن هب ودب … ،والممارسة السياسية تبنى بالأساس على تحصين المكتسبات والتأطير والرقابة والنباهة والذكاء …

ما وقع بصفرو تهديد خطير يجب أن يتم التعامل معه بحذر شديد. ومن الضروري أن تدرك الأحزاب السياسية والمنظمات الموازية لها أن هذه المخططات ليست مجرد تصرفات فردية، بل هي جزء من هجوم منظم يقوده خصوم ، لذلك يجب أن تكون هناك إجراءات وقائية للتعامل مع هذه الهجمات، سواء من خلال تعزيز المراقبة الداخلية، أو عبر توعية الأعضاء والمنتسبين بأهمية الحفاظ على وحدة التنظيم واستقرار صفوفه وفطنتها .

أكيد وجب على التنظيمات السياسية تطوير آليات تواصلها الداخلي بفعالية لتتمكن من العمل بسرعة مع مثل هذه الإشاعات والتهديدات، وتقديم التوضيحات اللازمة للرأي العام ، والتصدي لهذه الممارسات يبدأ من أن يكون الحزب أو التنظيم السياسي يقظًا ، به كوادر مؤهلة لمواجهة هذه المخاطر قبل وقوعها ومحاصرتها في بدايتها …من خلال تعزيز التنسيق بين المنظمين و إستحضار المعلومة ووقف الشبهات وكشفها …
لأن الاختراقات السياسية الخبيثة التي تستهدف تنظيمات سياسية منافسة تهدد بشكل كبير استقرار العمل السياسي، لأن هذه الهجمات ترتكز على استراتيجيات مبنية على الإشاعات والفوضى بهدف إضعاف التنظيمات من الداخل.

ما حدث في صفرو هو مثال على كيفية استغلال فرصة لحدث ما لبث الأزمات والإشاعات والصدام داخل التنظيم السياسي، إذن الحذر واجب وهذه بداية والقادم أخطر بمخططات تبتغي أن تفقد السياسة محتواها ،ويفقد الناس (المواطنين) الثقة في العمل السياسي والمسؤولين الحزبيين وهنا تكمن الخطورة …

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock