
عبد النبي الشراط
أثيرت هذه الأيام قضية شاب تطرق لمأساة “النقل المدرسي” بجماعة “راس الواد” دائرة تيسة، إقليم تاونات.
وكان الشاب (ي.ل) نشر قصاصة إخبارية تطرق فيها إلى معاناة آباء وأولياء التلاميذ بمنطقته مع جمعية أسست خصيصا لتدبير النقل المدرسي، لكن مسيرو هذه الجمعية يبدو أنهم أسسوا جمعيتهم لتدبير أمورهم.
وإثر ذلك، تقدمت الجمعية المعلومة بشكوى للنيابة العامة ضد (ي.ل) وتم استدعاؤه من طرف الدرك الملكي للاستماع إليه!
كان الموضوع أصلا يدور حول قيام هذه الجمعية بفرض رسوم سنوية على التلاميذ الذين يرغبون بالاستفادة من النقل المدرسي، وبدلا من أن تلتزم الجمعية بالقانون، أو على الأقل تراعي أحوال الآباء والأمهات فتستخلص منهم رسم شهري قد لا يتجاوز 60 درهما، عمدت الجمعية إلى فرض رسم سنوي أو نصف سنوي على الأقل، وحدد المبلغ بين 250 درهم و500 درهم كما كتب (ي. ل) ..
مسيرو الجمعية لم يجدوا ما يزعجون به الشاب كاتب الخبر، حاولوا البحث عن أي ثغرة، يصطادون بها كاتب الخبر/ القصاصة، فاشتكوه على أساس أن الرسم السنوي هو 450 درهم وليس 500، كما قال.. والحقيقة أن هذا “غباء” مضحك، إذ لا يوجد قانون يمكن أن يُحاكم به صاحب هذه القصاصة، لأن فحوى الشكاية مضحك.
فكيف تدبر هذه الجمعية موضوع النقل المدرسي؟
أولا: فرض رسم سنوي أو نصف سنوي غير مقبول، خاصة في ظل الأزمة التي يعيشها السكان هناك، حتى لو كان “شغلهم” هذا قانوني، لأن دور الجمعيات تقديم تسهيلات ومساعدات للناس وليس الاتجار على حساب الناس باسم العمل الجمعوي.
ثانيا: حسب المعلومات التي توفرت لدينا لحد الآن (وقد لا تكون دقيقة) فإن الجمعية المذكورة لا تسلم وصولات أداء للتلاميذ أو ذويهم، بل اكتفت بطباعة شارات “بادجات” فرضوا على التلاميذ وضعها على صدورهم كشرط لاستفادتهم من الركوب في وسائل النقل.. وإذا كان هذا صحيحا (أي عدم تسليم وصل مقابل الأداء) يعتبر مخالفا للقانون، وإلا كيف يمكن لهذه الجمعية أن تضبط حساباتها السنوية؟
هل ستدلي للمحاسب بالبادجات؟
ثالثا: بالرغم من الأداء فإن التلاميذ يضطرون مكرهين إلى المشي على أقدامهم ثلاث كلموترات في طريق غير معبدة، لكنها صالحة لمرور السيارات، ويتعلق الأمر بدواري: أولاد راشد والكطاية، بينما يستفيد دوار آخر به نفس الطريق غير المعبدة، وهو تمييز عنصري ضد فئة من السكان.
رابعا: تتلقى الجمعية دعما ماليا مهما من الجماعة (راس الواد) بالإضافة لجهات أخرى، ويقدر الدعم بالملايين، ونحن في طريقنا للكشف عن قيمة الدعم الذي تتلقاه هذه الجمعية المدللة، وسننشره حتى يتمكن الرأي العام المحلي هناك ..
خامسا: سيارات النقل المدرسي تعود ملكيتها للدولة أو الجهة التي منجتها، وليست ملكا للجمعية حتى تتاجر بها، وإذا ما أراد مسيرو هذه الجمعية أن يتاجروا بالنقل، فعليهم اقتناء سيارات مرسديس 207، الشهيرة بالمنطقة ويتاجرون بها.
ونشير في نهاية هذه القصة إلى أن التلاميذ الذين عجزوا عن دفع القسط السنوي أو نصف السنوي، يقطعون أكثر من 13 كلم ذهابا وإيابا على الأقدام، ولا أدري لماذا وجد هذا النقل المدرسي الذي يُفترض أن يكون مجانيا.. ثم ما دور الجماعة في الموضوع؟ ألا يمكن مثلا إعفاء أبناء الفقراء والمعدمين من النقل؟ ثم لماذا لا تتدخل السلطة وعلى رأسها عامل إقليم تاونات لوضع حد لهذا العبث؟ ومع ذلك نسمعهم يتحدثون عن الهدر المدرسي.. فإذا كانت “جمعية” منحت لها السيارات بالمجان، وتتلقى دعما سنويا من جهات متعددة فلماذا تفرض على التلاميذ رسوما خيالية لا يستطيعون أداءها؟
ألم يكن حري بهذه الجمعية أن تكون جمعية مواطنة بدل جمعية تمارس التجارة بسيارات الدولة التي هي أصلا سيارات الشعب؟
ما هو دور جماعة راس الواد؟
ما هو دور السلطات؟
ما هو دور جمعيات المجتمع المدني الأخرى إذا لم تندد بمثل هذه السلوكات؟ فقط أرادوا تقديم شاب كضحية لسلوكاتهم المنحرفة ..
ألا يوجد منكم رجل رشيد يغير هذا المنكر ؟
السؤال الأخير:
رئيس هذه الجمعية يشتغل تقني بنفس الجماعة وتربطه علاقات صداقة بالرئيس فما سر هذه العلاقة؟
أرجو أن أقرأ توضيحا من أي جهة ذُكرت في هذا المقال على الأقل لتكذبوا ما سطرناه أعلاه إذا كنا كذبنا فعلا، كما يمكن لأي جهة رأت في هذا المقال غير الحقيقة فيمكنها اللجوء للقضاء، وحينئذ سنبحث في أمور واختلالات أخرى وأجرنا على الله.