مقالات الرأي

هل ستلعب الجماعة آخر الأوراق

 

بقلم: خالد المهداوي البقالي.
14 02 24

خلال مسارها الدعوي دأبت جماعة العدل والإحسان على استغلال أهم المحطات السياسية الصلبة التي مرت منها المملكة المغربية، لتوجيه (أو تمرير) رسائل شبه مباشرة لأعلى سلطة بالبلاد عبر إعلانِ رصيد مواقف قُطرية وتقديمِ حزمة بدائل شرعية تتأرجح بين الطوفان والغفران وتتجاوز في جوهرها الإنسان والأوطان.

واليوم بعد أربعين سنة من التواجد في الساحة الشعبية، قرر فجأة تنظيم الجماعة (بعد مرحلة طالت من تقييم الذات) تغيير خطه الخطابي عبر اعلان وثيقة سياسية تتميز بتأصيل واضح وتفصيل صريح غير مسبوق في مسارها التواصلي، رسالة سياسية توضح من خلالها جماعة العدل والاحسان تصورات مرنة ومواقف أكثر ليونة من سابقتها وتتمحور حول الانسان والوطن بعد أن كانت تتجاوزه بالأمس القريب. وتخاطب بشكل مباشر كل ألوان الطيف السياسي باحثة عن صدى قوي في المشهد. وترسل إشارات قوية لدوائر القرار الضيقة، مستغلة التراجع والبؤس السياسي لرفع السرية عن خطابها الدعوي عبر تنميطه ونمذجته في قالب سياسي لعرضه كمنتوج بديل للدولة والمجتمع على حد سواء.

الأكيد أن المطلِع على حجم وثنايا وثيقة العدل والإحسان سيَعي جيدا أن هذا الإنتاج السياسي لن ينتهي به الأمر في رفوف مكتبات الإنتاج الفكري للجماعة على غرار الرسائل السابقة، ولا يمكن اعتباره أيضا ترفا وتهافتا بين قادة وأقطاب الجماعة، كما لا يمكن تصنيفه كمرجع جديد لايديولوجية الجماعة على اعتبار أن الوثيقة السياسية لم تعالج سوى المتحرك والقضايا وحاولت ما أمكن تجنب الخوض في والثوابت والنوايا.

السؤال الذي يطرح نفسه بقوة الآن، لماذا تَعْرِضُ الجماعة منتوجها السياسي في هذه الظرفية التي تزامنت مع أحداث يظن البعض أنها غير مترابطة:
– فشل حكومي في تنزيل أغلب المشاريع الاجتماعية الملكية.
– الفضائح المالية والأخلاقية المتكررة لأحزاب الأغلبية وإنعكاسها على شرعية المؤسسات والهيئات المنتخبة وسمعة البلاد التي تقود عدة ملفات وقضايا اقليمية.
– نشاط غير مسبوق للتيار الصحراوي في إطار مقاومته للدولة المدنية على حساب الدولة القبلية.
– وتيارات أخرى تعزف على أوتار الهوية الثقافية والدينية…

هذا الكم الهائل من التخبط المؤسساتي والاجتماعي والاختلالات في الساحة والسياسية دفع الدولة لاستعجال برنامج إنقاذ وطني غير معلن من أهم دعائمه قوة مُوازَنة (رادعة) سياسية بجبهة تنظيمية محكمة، وقواعد اجتماعية ومجالية مهمة، ورصيد غني من الممارسة والتعايش مع النظام دون العيش في ظله، ويؤمن بمفهوم الدولة المدنية ويسعى لتحقيق دولة العدل والقانون. فهل ستُلعب آخر الأوراق السياسية!!!؟؟؟، ذاك ما ستجيب عنه الأيام القادمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock